أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

غـزة الأمـجـاد..

حبيب بن مبارك الحبسي

 

غـزة الأمـجـاد..

 

لن تركع غزة وأهلها إلا للخالق جل في علاه .. ومهما استمر وطال مدى العدوان نجزم يقينا أن صاحب الأرض منتصر؛ فكلنا نعشق الوطن ونموت من أجله.

ولن يجوع شعب حوصر في فتره الحرب؛ فهو محاصر منذ سنين، وقد عاش بين أصوات القنابل والرصاص، وألِف لغة الحرب بجميع أدواتها .. لهذا لن يموت ظمآن؛ لأنه يؤمن ويثق بربه الكريم .. ولهذا لن يترك أرضه مهما تعالت أصوات المتفجرات؛ لأنه وجد فيها عشق الأرض والحجر؛ فعشق الثبات لن يرحل مهما حل.

يعيش في فكر الداعمين للمحتل وهْمٌ أنهم قادرون بما يملكون من ترسانة مسلحة على القضاء على صاحب الأرض، ونسوا أن الأرض لله يرثها لمن يشاء، واقرأوا التاريخ جيداً؛ فكل محتل اندحر وقُبِر جنوده ولم ينعموا بالأرض الجديده ولا بنهب خيراتها.

أطفال غزة رجال، ورجالهم مغاوير، ونساؤهم بطلات، ولهذا لا اضطرابات نفسية ولا خوف ولا صراخ بين أطفالهم.. نساؤهم يستقبلن نعي الشهيد ببشرى التغاريد .. يرسمن أحلامهن بروح الأمل، همهن تطهير الأرض من رجس اليهود.

تنقلاتهم وقفات لأفق سماء الوطن أن يكون طاهرا وغير ملوث، ألعاب أطفالهم تخيل معركة بين طرفين باستخدام أدوات خردة ينسجون منها استعدادا لمستقبل حياتهم ليطردوا المحتل.

إذا قلنا بأنهم أبطال فهم جديرون بهذا اللقب لا يعلقون أوسمة ونياشين على صدورهم كاستعراض، هم يقفون ندا للصهيوني والمتصهين.

لا أجد أصدق تعبيرا من الصمود في الوطن ضد الطغيان مثل رجال وأطفال ونساء غزة .. لم يبكوا عويلا ونباحا على قتل من قُتِل من الأهل، ولم يفجعوا يوما بسقوط قنبلة على من فيها..

هذا الشعب لا تخوفه أصوات الرصاص ولا يكون جبانا مع آلة العدو الغاشمة؛ يقف شامخا عاري الصدر .. فالحياة ليس لها طعم بعد كل هذا الخراب والتدمير والقتل ولن يستسلم مهما حدث ويحدث؛ له هدف وغاية واحدة أن يكون الوطن طاهراً؛ لا يهم أن يكون له .. بل لأبنائه وأجياله .. هؤلاء يقدمون أرواحهم رخيصة للذود عن حمى الوطن.

ما نشاهده كل يوم .. تُسَطِّر ملحمة بطولية رجالها أبطال، وقتلاهم شهداء، وجرحاهم أوسمة على صدر المقاومة، وهدم بيوتهم وممتلكاتهم؛ هي صمود الأحرار والشرفاء أمام كل ما يحدث .. هنالك ارواح تولد، وفجر يبزغ، وبطل يسطر أفقا من النصر؛ في المقابل هنالك تحطيم لإرادة المغتصب المحتل، وهنالك حراك مجتمعي عالمي بتغير النظرة؛ فالمظلوم مجنيٌّ عليه َويُلاقي تعاطفاً لا نظير له..

برغم آلة الكذب والدعم الذي يقدم له؛ هنالك داخل المجتمع الصهيوني حراك قوي يثبت لهم أن هذه الأرض ليست بدار حياة لهم؛ لا توفر لهم الأمن، وتقودهم إلى المصير المحتوم إما بالموت أو الرحيل بلا عودة؛ فلا تجد تضحية، ولا حب للقتال، وتتعالى صرخات الخوف من سقوط قذيفة غزاوية عليهم .. أرأيت شعباً يهرب للملاجيء .. وينصتون السمع لبوق آلة الإنذار.. يهربون حباً للحياة؛ بينما الغزاويون يقبلون نحو الشهادة.

أصحاب الأرض لا يهرولون إلى المطار؛ لأنها أرضهم .. يقدمون الروح فداءً .. شعب يعشق أرضه، ويحلم أبناؤه بتعميرها عن قريب أسوة بباقي أطفال العالم.

أبطالها إذا تكلموا أرعبوا، وإذا لمحوا أصدقوا، وإذا تحركت في أيديهم السيوف قطعوا الرقاب قبل الأيادي، واذا واجهوا وقفوا طوداً كالجبال الشامخة؛ لا يهمهم نعيق وأبواق المرضى الذين ماتت فيهم نخوة الرجال؛ لا يكترثون لعلماء السلطة، ولا يلتفتون حتى في الرد؛ لأنهم أوجعوا.

فوقفة احترام وتحية تقدير لهذا الصمود التاريخي الذي لقَّن المحتل دروساً تسطر إنجازاته بماء الذهب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى