بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

“بيت” المرأة الحديدية كـ “بيت” العنكبوت!!..

الدكتور/ محمد المعموري

باحـث وكاتـب عـراقي

 

“بيت” المرأة الحديدية كـ “بيت” العنكبوت!!..

 

في زماننا هذا اصبح كل شيء يمشي بعكس الطبيعة وتناغمت أفكار “اللا طبيعة” لتكون هي بمكانة الطبيعة لتلحق بركب ….

الله أعلم بما ننتظره من مهالك للأجيال القادمة وما ستحمله الأيام من مفاجآت قد تنذر بسوء ما تحمله الأيام للبشر .. نعم إنه ليس تشاؤم ، ولكن واقع نعيشه الآن وربما سيكون الأصعب بل “الأكثر سوءاً” كلما تقدمت التكنلوجيا لتقدم لنا أنموذجاً جديداً من نماذج التحرر من القيم والمبادىء وربما “الاخلاق” ، ولأن مجتمعاتنا العربية قد لحقت بركب التطور ناسية متناسية الكتاب ، وهاجرةً للثقافة والقراءة و”صالونات” الأدب ومنتديات الشعراء وحكايات الأجداد ومتمسكةً بتعاليم “النت” وشبكات التواصل الاجتماعي لكي يحقق من يقوم بعمل المحتوى “الترند” ويحصل على درع فضي أو ذهبي أو ربما ماسي ، ولا يهم ما يقدمه من محتوى وأكثر ما يشاهد “الفضائح” والتي ما أنزال الله بها من سلطان.

ووسط هذا المعترك تبرز لنا حالات كانت في ماضي السنين من الحالات التي تُعد بعدد الأصابع في مجتمعنا العربي ، أما الآن فأصبحت تلك الحالة من الحالات التي تسري في جسد المجتمع العربي لتطول تكوينه ونسيجه الأسري بشكل يثير الريبة ، ويجعلنا نقف لنعود الى ما كنا عليه “لو استطعنا”.

أتمنى أن أناقش مع حضراتكم في سطور حالة “المرأة الحديدية” في الأسرة العربية ، فمنذ الأزل كانت للمرأة الحديدية صولات في التاريخ وبشكل بسيط جداً ؛ فنحن قرأنا عن قصة الملكة بلقيس في القرآن الكريم ، وتعلمنا من تلك القصة درساً بليغاً أن مُلْكها ومملكتها لا تستطيع أن تصمد أمام مُلْك نبي الله سليمان “وإن كانت هي من اختارت الحكمة لتجنب شعبها ويلات الحرب ” ، ومن هنا لاحظنا أن الملكة بلقيس عرفت الحكمة البالغة في خلق الله للإنسان ، وجعل الرجال “قوامين” على النساء ،وإن كانت هي ملكة في قومها إلا أنها أيقنت بكل ثقة أنها امرأة ، وأن عليها أن تكون مع من هو قَوّام عليها.

نعم المرأة الآن متعلمة وربما قائدة في مجتمعها وربما هي تصدر قرارات لا يستطيع الرجال أن يصدروا أمثالها ، وربما تقود مجتمع أو تنظر لقيادته اقتصادياً أو اجتماعياً أو أي مجال شاء الله سبحانه وتعالى أن يوفقها فيه ، إلا أن المرأة “بعض النساء” فهموا كل هذا خطأ وأصبحت تلك النساء يعتقدن أن بإمكانهن العيش في كنف الحياة دون الاعتماد على رجل أو أنها تتزوج رجلاً ليكون “ظل حيطة ولا ظل حائط” ، أو أنها تخاف أن يغادرها قطار العمر وتبقى وحيدة ، أو أنها تطمع بأن تكون أماً ، ولكن تلك النسوة لا يفكرن في بيت يكون مستنداً إلى رجل له الفضل في إدارة بيته ، أو حتى مشاركتهن في إدارة البيت وتربية الأبناء ، بل يرغبن بأن يكون كل شيء لهن السلطة فيه ؛ من تربية وقرارات ، وكأن الرجل ليس له أي موقع من الإعراب في جملة حياتهن ؛ رغم أنه يقدم لهن كل المساعدة ، ويقف معهن في كل نائبة ، ويشاركهن في كل سعادة أو كل نجاح ؛ إلا أن تلك النسوة يرغبن في بناء بيتهن كـ “بيت العنكبوت” وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ، وبعد سنين تبدأ المشاكل وتكثر السلبيات داخل الأسرة لأن الأم تريد الفضل كل الفضل لها ، وإن أي إنجاز حصل عليه الأبناء يجب ان ينسب لها ، ويكبر الأولاد وتكبر معهم السلطة الحديدية للأم إلى أن يتحرر الأولاد من تلك السلطة بعد تخرجهم أو حصولهم على وظيفة ، والاستغناء عن الحاجة للأم يتفتت البيت ويذهب كل “حي” إلى مبتغاه وتكون الأسرة كأنها لا تعرف بعضها ؛ فلا يوجد اثأب له الفضل على أبنائه “من جراء تحكم الأم وفرض سلطتها” ولا أبناء يردّون الجميل لأهلهم وآبائهم.

وهنا نسال هل فهمت تلك النسوة حكمة بلقيس عندما أضافت ملكها الى ملك سليمان ، وأيقنت أن لله حكمة في جعل الرجال قوّامين على النساء ، وأن الله سبحانه وتعالى حذرنا من أن نجعل بيوتنا خاوية متهالكة كـ “بيت” العنكبوت وبيت العنكبوت قوي في بنيانه التي بناها من خلال نسجه من خيوط صلدة إلا أن البيت نفسه هش تحكمت به الأم فضاعت أركانه ، وهنا علينا أن ننبه أنه ليس عيباً أن يكون الرجل قوّاما على زوجته ؛ لأنها إرادة الله ، ولكن عيب أن تتصرف المرأة كرجل في البيت ، وتترك ما أوصى الله به ، وأن التراحم والمحبة أفضل من السلطة المزعومة ، وأن حسن المعشر والاخلاق التي تتحلى بها المرأة مع زوجها وأبنائها داخل بيتها هي من يجعلها الملكة في بيتها ، وأن لا تتوهم أن مركزها الإداري يعطيها الحق في أن تكون هي السلطة داخل بيتها ، وأن تعلم أن للبيت حرمة ، وأن الله هو الذي أعطى للرجل حقَّ أن يكون قوّاماً على زوجته ، وأن الزوجة لا يمكن أن تكون قوّامة على بيتها بوجود زوجها .. إنها إرادة الله.
قال تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا)..

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى