
الإنسان .. “بكرامة .. أو بدونها”..
الدكتور/ محمد المعموري
كاتب وباحث عراقي
شتان لمن يمتلك الكرامة ومن ليس له اي ارتباط بها ، فالكرامة هي توريث لأصول وعقائد تغرس في نفس الشخص منذ نشأته من خلال البيت الذي ولد فيه وتأثيره عليه فيمسي ليصبح ذاك الانسان محمل بكل معاني الكرامة ، وقد يخسر في بعض الاحيان عائلته او اولاده او ثروته وربما فرص كثيرة تقدمت له او تهيأت ولكنها تنقصها المبادئ فتحول بينه وبين ما يعتقده وتربى عليه. وفي المقابل إنسان بلا كرامه يتربص بكل ما يستطيع ان يحصل عليه “فيخرب” كل شيء في طريقه ربما يفتت عائلة لتدخله بشؤونها او يكون سبب بقطع رزق او انه يظهر بمظهر “يزايد” والد على ولده او زوجة او زوج على زوجته ولا يهمه شيء الا ان يخسر في كل مرة كرامته من اجل ان ينفذ مأربه.
ويفتح لي هذا الموضوع باباً قد فتح علينا وقد زاد تأثيره على عوائلنا بعد ان انتشرت منصات التواصل الاجتماعي لتكون البديل عن توجيه الاب ونصح الام والتمسك بالتقاليد فاصبحنا جميعا الا ما رحم ربي نلوذ بالأنترنيت ليوصلنا الى ساعات من الهو والتغرب عن عوائلنا فاكتسبنا منها ما فقدناه من توجيه الاب ونصح الام والتمسك بالأعراف والعقائد وحتى التعاليم الدينية التي اصبحنا يوما بعد يوم نجهل ما هو يقيدنا وما يضرنا بل نجهل في بعض الاحيان الحرام والحرام فتوزعت اهتماماتنا نحو زاوية واحده الا وهي كيف نقضي وقتنا مع هذا الغضب “الموبايل” كان من التقاليد “على سبيل المثل” عندما يأتي الضيف في وقت العشاء او الغذاء ويقدم له الشاي فانه يعلم انه جاء في وقت غير مناسب وان اهل الدار لم يكونوا مهيأين لدعوته على الغذاء او العشاء فيخرج مسرعا تاركا ذلك المنزل بأدب وكرامه ، وكان الشخص عندما يدخل بيت اخيه او اخته يجلس بكل احترام لانه يعلم ان للبيت حرمات وان التجوال في البيت هي من صفات… اجلكم الله ، وكان الحمو اخو الزوج او اخو الزوجه او زوج الاخت او … ، لا يدخل البيت الا بوجود صاحب الدار … وكان من يجالس نساء البيت بدون رجل البيت يطلق عليه “نسيواني” فيكون فاقد احترامه بين الرجال.
واليوم في مجتمعاتنا العربية نسمع العجب من زنا المحارم الى تبادل الزوجات الى … وكلها ناتجه عن ضعف النفس البشرية التي لم تتسلح بسلاح الايمان ولم تحمل معها عقائد وتقاليد الاهل فاصبحنا نلوذ بما يمليه علينا فكرنا ناهيك عن ضعاف النفوس الذين هم متواجدين في المجتمعات منذ الازل فانهم اشخاص “حشرين” يخربون البيت وتكون صفاتهم انهم بلا كرامة.
وعليه يجب ان نبث الوعي في المجتمع من خلال منصات التواصل الاجتماعي وندعو الى عدم السماح ببرامج في منصات التواصل الاجتماعي مهدمه للمجتمع تجمع بين التفاهة وقلة الحياء ، وعلينا ان لا نرصد فقط المحتوى الهابط “وان كانت تلك الخطوة جبارة” لندخلهم في حلقة القانون ولكن يجب ان نفصل بين ما تقدمه تلك البرامج وما يجب علينا ان نقدمه لاطفالنا وعوائلنا.
وعلينا ان نكون حريصين على خصوصية بعضنا البعض وان نعيد في اذهاننا معنى حرمة البيوت لنعلمها لأبنائنا لأنها واحدة من مسببات خراب البيوت وانتشار الانتهاكات بين العوائل.
ويجب ان يعرف ابنائنا مالهم وما عليهم وان نغرس في قلوبهم العزة والكرامة وان يكون كل واحد منهم قادر على ان يميز بين ان يكون هادم للمجتمع او ان يكون ضمن الفريق الذي يبني المجتمع.
ان كثيراً من العوائل دمرتها ايد خفيه استغلت القربى وبها كتبت نهايتها فحرمت اب من ابنائه او هدمت عوائل فأصبحت تلك الايدي الاثمة شيطان يتربص بقدر اطفال او بخصوصية عائلة.
لذا علينا ان نكون حريصين على غرس روح العائلة ومبادئ ديننا في تفكير وعقل ونفس ابنائنا.
ويجب ان نطرد من ليس له كرامة .. فهل نستطيع ؟.
لكل شيء حدود ، ولكل مجتمع تقاليده واعرافه وعلينا ان لا ننتهك تلك الاعراف بل علينا ان نعمقها في ذاتنا لتكون البنى الاساسية في بناء شخصية ابنائنا لنحافظ على تماسك اسرنا ونبني الاطر الصحيحة لعوائلنا.
وأخيرا أتمنى أن نسال انفسنا لماذا نبي الله ابراهيم الخليل عندما ذهب الى ابنه اسماعيل لم يدخل فقط أوصى زوجة ابنه وغادر؟. إنها الاصول التي يجب ان نتعلمها فنحافظ على كرامة عائلتنا ونحفظ تواجدنا ولا نسمح ليد الشيطان من اختراق امننا واماننا. وغير هذا وذاك فإننا بفضل الله بلد سادت به التقاليد العشائرية والذي نتحدث فيه اليوم هم جزء بسيط من المجتمع ولاننا نعلم ان الوقاية خير من العلاج اصبح من واجبنا ان نبين النقاط الجوهرية التي تفصل بين من له كرامه ومن ليس له كرامه.