التخلف موت والتقدم حياة
عدنان بن أحمد الأنصاري
محلل سياسي ، ودبلوماسي ، وسفير سابق
إن التخلف ليس قدراً، بل لعنة نصنعها بأيدينا.
إن الأمة التي ترضى بالركود تُشبه الطفل الذي لا يتحرك إلا إذا حمله غيره، بينما الأمم الحية هي التي تدفع نفسها إلى الأمام، وتصنع لحاضرها مكاناً، ولمستقبلها وزناً.
لقد آن الأوان أن نسأل أنفسنا بجرأة: إلى متى نظل قابعين على هامش التاريخ، فيما الأمم من حولنا تصنع وتنتج وتقرر؟.
1. التخلف موت، والتقدم حياة..
إن العالم العربي اليوم يقف عند حافة هاوية، فإما أن نُسقط العلم فنسقط نحن معه، وإما أن نُمسك به لنحيا.
كل تأخر في التعليم، في الصناعة، في الدفاع، هو حكم بالإعدام على حاضرنا ومستقبلنا.
2. الأمة المقيّدة لا قرار لها..
لقد أصبح القرار العربي مرهوناً بغير العرب، وثرواتنا تصرف لتغذية مصانع الآخرين بينما نحن نتقاتل على الفتات. من لا يملك خبزه لا يملك رأيه”. فكيف نرجو حرية القرار ونحن نعيش على ما يقدمه لنا الآخرون؟.
3. الخطر في اللامبالاة..
ليس أخطر على الأمة من خطاب الشعارات الفارغ، ومن استهلاك العاطفة بدل تحويلها إلى فعل. نحن بحاجة إلى عقل يخطط، إلى يد تصنع، إلى أمة تعرف أن الكرامة لا تُصان إلا بالقدرة.
4. سقوط الوعي أخطر من سقوط الأرض..
لقد قيل بحق : حين تُسلب الأرض تبقى الأمة قادرة على استعادتها،
#أما إذا سقطت الروح والعزيمة، فإن الأمة تدفن نفسها قبل أن يُدفن جسدها. وهنا تكمن مأساتنا: شعوب تملك الموارد، لكن لا تملك الإرادة.
الحلول والخروج من الأزمة..
• إطلاق مشروع عربي جامع : يربط التعليم بالإنتاج، ويحوّل الجامعات إلى مصانع معرفة لا إلى مقابر عقول.
• بناء قوة مستقلة :
غذاء ودواء وسلاح، حتى لا يبقى العرب أسرى الاستيراد والارتهان.
• توظيف الثروة النفطية والصندوق العربي للنهضة :
لا لشراء الكماليات، بل لتشييد المصانع، ومراكز البحث، والتكنولوجيا.
• إحياء التضامن العربي الفعّال :
عبر مجلس اقتصادي وأمني حقيقي، يترجم الأقوال إلى أفعال.
• ثورة ثقافية فكرية :
تُصالح بين التراث والحداثة، بين الدين والعقل، وتعيد للعرب ثقتهم بذاتهم.
إن التاريخ لا ينتظر المترددين..
“الحضارات لا تُغتال من الخارج، بل تنتحر من الداخل”.
نحن اليوم أمام مفترق مصيري : إما أن نواصل مسيرة التراجع فنموت واقفين بلا أثر، أو أن ننهض كالأمم الحية فنكتب لأنفسنا صفحة جديدة في سجل التاريخ.
فلنحذر أن نصبح مجرد هوامش في كتب الآخرين. ولنصنع نحن نصنا، قوتنا، قرارنا. فالحياة تُمنح لمن يملك الشجاعة على اقتحامها، والموت يُكتب لمن ارتضى العجز والاتكالية.
