
عين في الجنة..
كتبت/ ترياء البنا
بالأمس أعلن الاتحاد العماني لكرة القدم عن إتمام تعاقده مع البرتغالي المخضرم كارلوس كيروش خلفا للمدرب الوطني رشيد جابر، ليقود سفينة المنتخب الوطني خلال مواجهتي الملحق بتصفيات كأس العالم أمام قطر والإمارات بالدوحة، كأهم وأول استحقاق رسمي لكيروش مع الأحمر.
ما لفت انتباهي من إعلان الاتحاد أنه حدد مدة العقد بسنة واحدة، الأمر الذي يثير الاندهاش والتساؤل حول الهدف من التعاقد مع المدرب، فهل الأصل في التعاقد قيادة الفريق في مباراتي التصفيات فقط، فإذا نجح أكمل بتمديد العقد، وإن لم يحالفه الحظ- لا قدر الله- تتم إقالته، ويتجنب الاتحاد مغبة الوقوع في شرك الشروط الجزائية التي وقع فيها سابقوه؟.
ربما هذا هو التفكير، ولكن الأكيد أن أي مدرب يأتي لفترة محددة لن يهتم مثلا بتجديد عناصر المنتخب والذي أصبح أعلى المنتخبات في المعدل العمري للاعبين، بل سيعتمد فقط على العناصر المتواجدة محاولا تحقيق أية نتائج إيجابية، وهنا نرجع للخلف قليلا حين أعلن المدرب السابق رشيد جابر أن تعاقده مع الاتحاد كان لمدة ثلاثة مواسم والهدف الرئيسي بناء منتخبات وطنية، وإعداد منتخب أول قادر على المنافسة بكأس آسيا 2027، الأمر الذي بشر ببداية جيدة في الفكر الإداري، ولكن مجلس الإدارة الجديد للاتحاد لم يمهل الرجل لاستكمال ما تم الاتفاق عليه مع المجلس السابق، إذن فما الهدف الأهم في تحديد مدة عقد كيروش بعام، ما يعني انتهاء التعاقد قبيل كأس آسيا، وإذا لم تكتمل الفترة تحت أي ظرف، فكيف سيكون استعداد المنتخب قبل البطولة القارية التي نطمح في تحقيق تقدم بها يتخطى الدور الثاني الذي وصلنا إليه مرة واحدة؟.
كذلك لماذا لم يتم تقديم المدرب في مؤتمر صحفي مباشرة بعد إتمام التعاقد، هل هناك تحفظات حول مواجهته بالإعلام؟ أم أن تأخير المؤتمر إلى الخامس من الشهر القادم الهدف منه الوقوف أولا على خطة إعداد المنتخب للقاءي التصفيات؟، حيث لم يشر بيان الاتحاد إلى أية تفاصيل تخص هذا الجانب.
كيروش مدرب كبير ومخضرم، حقق نجاحا ملحوظا في بناء منتخبات كبيرة، ورغم أنه خسر رهان التجارب الثلاثة الأخيرة له قبل منتخبنا، إلا أنه لا زال يحتفظ بقيمته، حيث وصل بمنتخب إيران مرتين متتاليتين إلى نهائيات كأس العالم( 2014، 2018) ، ما يؤكد أنه قادر على بناء منتخب وطني يستطيع تحقيق التطور وربما إنجاز، خاصة وأنه يمتلك خبرة من خوض 7 نسخ مختلفة من كأس العالم.
يبدو أن اتحاد الكرة يفكر بشكل متناقض، بمعنى عين في الجنة وعين في النار، كما يقول المثل المصري، حيث تعاقد مع مدرب كبير وصاحب خبرات مع منتخبات نجح معها في التأهل إلى المونديال العالمي، ويرى أنه الخيار الأمثل في هذه المرحلة المصيرية فلديه من الإمكانيات ما يؤهله للصعود بالأحمر إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ، كما أن القرعة جاءت رحيمة بكيروش حين وضعت منتخبنا مع قطر والإمارات، وهو يعرف المنتخبين جيدا، ولكنه على الجانب الآخر، يخشى الانتقادات والحملات الإعلامية على كل سقطة للفريق والمطالبات الدائمة بإقالة المدرب مع أية خسارة أو خروج مبكر من استحقاق.
ربما هذا هو التفكير داخل مجلس الإدارة، ولكن من منظوري الشخصي أن هذا العمل لن يحقق أي اختلاف أو تطور في منظومة العمل الخاصة بالمنتخب الوطني، لأننا ببساطة وبما يحقق الصالح العام للكرة العمانية( ومهما جاءت الانتقادات والدعوات)، نحتاج الاستقرار الفني والإداري، وتحديد مدة زمنية تمنح الجهاز فرصة العمل وإبراز البصمة الخاصة بالمدرب، نطالب بتحقيق إنجازات على المديين القريب والبعيد، ونترك الناس يعملون ويجتهدون، ثم تتم محاسبتهم، وحينها نكون منطقيين، أما سياسة تغيير المدربين مع كل فشل فلن تجدي نفعا أبدا وسنظل ندور في ذات الدائرة المفرغة التي تحدثت عنها مرارا وتكرارا في مقالات سابقة.
الخلاصة.. على المسؤولين عن الكرة العمانية البدء من الصفر، بوضع استراتيجية واضحة المعالم ومعلنة للجميع( كرسالة بأن أي انتقادات أو مطالبات لن يلتفت إليها)، وإعطاء كيروش المساحة اللازمة من الوقت والحرية في العمل طالما أن الاتحاد يرى أنه الأفضل للفريق، وإلا ماذا ننتظر من لاعبين يعتذر منهم البعض عن تمثيل الوطن حين لا يعجبه المدرب ويقرر العودة ثانية بعد تغييره، دون أن يتم تحميل اللاعبين أية مسؤولية في أية خسارة أو مشاركة غير مرضية وغير مناسبة لاسم سلطنة عمان؟.