
المكان الذي لا يصل إليه الضوء..
ياسمين عبدالمحسن إبراهيم
المدير التنفيذي لشركة رواق الابتكار
مدربة في مجال اكتشاف وتطوير المهارات
مهتمة بمجال تطوير الأعمال
ثمة زاوية في داخلنا .. لا تزورها أقدام، ولا تصل إليها يد، ولا يمر بها ضوء.
زاوية لا نُسمِّيها، ولا نعترف بها، لكننا نشعر بثقلها كلما عمّ الهدوء.
نعيش، نضحك، نعمل، نحب، نخطط، ونمضي…
وفي الخلف، تمامًا في أقصى الهامش من وعينا،
هناك شيء .. ينتظر.
ليس وحشًا، ولا ألمًا صاخبًا؛
بل هو مجرد صوت لم يُسمع، شعور لم يُسمح له بالظهور، سؤال قُتل في مهده لأن جوابه مخيف.
نظن أن تجاوز الشيء يعني نسيانه.
نظن أن إغلاق الباب يُلغي ما خلفه.
لكن الحقيقة أن ما لا نواجهه .. لا يموت.
بل يرتدي أشكالًا أخرى :
قلقًا لا نعرف سببه، انفجارات في غير وقتها، تعبًا نُسميه “إجهادًا عابرًا”، وفتورًا في أعز ما نملك.
نُرمّم الخارج باستمرار، بينما الداخل يتكوّر في الزاوية.
وفي لحظة – لا تُخطط لها – تُفتح نافذة.
ربما بحدثٍ عابر، كلمة، رائحة، صورة، أو صمت أطول من المعتاد…
فنرى فجأة تلك الزاوية كما لم نرها من قبل.
لا شيء مخيف هناك، فقط نحن ..
في شكلٍ قديم، بصوتٍ لم يُستقبل، بشوقٍ لم يُفسّر.
وحين لا نقاوم هذه الرؤية ..
حين لا نُغلق النافذة بسرعة ..
حين نُصغي، لا لنُدين، بل لنفهم
تبدأ الخيوط بالتلاشي، ويبدأ الضوء بالدخول، لا من الخارج، بل من داخل تلك الزاوية ذاتها.
الشفاء لا يأتي من تجاهل ما نرفض،
بل من احتضانه دون أن نخاف أن يتغير شكله بين يدينا.
لأن هناك أماكن فينا .. لا تُشفى إلا إذا فتحناها.