
الخطاب الثقافي .. بؤس الاحياء وخدش الحياء !
حسين الذكر
إعلامي وروائي
كان الوطن العربي وسواد شعوبه يعاني كثيرا من قلة المعلومات حتى عاش في مرحلة التغييب التام عن معالم الحضارة العالمية لم يعي الا ما تضخه وسائل اعلام السلطة او تلك التي تعد جزء اساس منها كصنيعة مؤجندة معلبة .. هكذا وجد نفسه قد تاخر عن الركب العالمي بسنوات وربما عقود وحتى قرون بعد ان فضل التقوقع عند عتبة مدينة النوافذ المغلقة .
بعد الالفية الجديدة التي وعدنا وبشر بها العالم الغربي على صعد مختلفة وجدنا العقل العربي يترنح بحالة الذهول جراء العصف المعلوماتي الذي اغرق كل شيء البيئة والمدارك والادوات … والطول والعرض حتى مجهولات العمق .. لم يعد هناك وقت لتفكيك النص او اجزائه لتنتشر وتطبع اغلب الاجندات المعبئة على شكل ثقافة غدت طبيعية او صنعت لتكون بيئوية لا تثير سخط ما ولا تحرك شك وخشية مؤسسة ما ..
على حين غرة وجد العرب انفسهم امام باب واسعة تسد عين الشمس لا يمكن الهائها واخراسها بوسائل تقليدية مما انعكس على المشهد الثقافي العام الذي يعد هو الصورة النمطية لجيل ما بعد العصف الانترنيتي او جيلين منه .. حتى اخذنا نتلمس ونعيش حالة عربية تكاد تكون متشابهة من وجوه عدة – مع بعض اختلافات التوجيه او الهدفية المطلوب منها – فما يرسم بالشرق العربي ليس كما يعرض في غربه مع ان النهايات تكاد تكون متطابقة ..
ببساطة بعد ان سادت ثقافة ( اماطة الاذى عن الطريق ) ليس كواجب ديني بل هي اخلاق مجتمعية ورسالة ثقافية تنهض بتعميمها النخب من اجل صناعة هوية جديدة يعتد بها .. في ليلة وضحاها لم يعد نر من الضحى المعتاد شيء بعد ان فقدنا حاسية التلمس والتمحيص وافتقدنا قدرة الاختيار تحت هدير عاصفة من سيل اعلامي متراكم وانفتاح لا يمكن نسميه ثقافي – في ظل ثقافات الاحياء المتفق عليها – بل هو قصدية واضحة لبلوغ عتبة الانقياد الطوعي .
هنا قد يبدو المشهد خطير اذ لم نعي تفكيك مشفراته ونسعى لامتلاك خطوط زمامه – على اقل تقدير – من اجل العودة لذات ظل العليين ( شريعتي والوردي ) ينادون بها منذ عقود خلت .. بل حذروا اصحاب القرار بصيغ شتى .. حتى اصبحت مخالفات الفرد المجتمعي لا يتم الاحساس بوخز ضميرها او خدش حياؤها .. كأن المشهد مخاض بتولاد صور شاذة لا تنتمي لارث القاعدة وتاريخها الثر .. بعد ان خرمت مخرجات الثقافة العربية التي كانت سائدة في : – المسجد والمدرسة والمؤسسة والمجلس والمنتدى والصالون وفي المقهى والمسرح والسينما والملعب … فضلا عن مناهج التربية الاسرية التي تعد بمثابة مناهج تكميلية عصية الخرق لوصايا النخب فضلا عن قدسية الاسرة ومناهج الوالدين ..
لا نقف عند عجز ردم الهوة مع اتساع الفارق الزمكاني (المعيب والمخيف) ما بين حركت السلحفاة وعصف الانترنيت وتحليق الذات .. العبء الاكبر يقع على عاتق الطبقة المثقفة او التي تدعي ذلك بطابور طويل من عناوين متعددة لكن لا اثر لها على ارض الواقع .. ان تنهض بنيل شرف مسؤولية تضميد نزف عرق الجبين الممتد على طول محيط غرب الامة وشرقها المغترب .