علموني من صبركم !!..

الكاتب/ يحيى بن حمد الناعبي

علموني من صبركم..

أم تفقد فلذة كبدها بعد أن فقدت أباه قبل عام، كان وحيداً بين أخواته الثلاث، كانت الأم تعوّل عليه الشيء الكثير، كان السند لها ولأخواته، كان يمثل لهم الشيء الكبير والمهم بعد فقد والدهم المعيل لهم، فقدوه في غمضة عين، بلا سابق إنذار، موت مفاجئ كسرعة البرق، توخّى حمام الموت أفضل صبيتي .. فلله كيف اختار واسطة العقد؟!

(علموني من صبركم)..

صدمة تلقتها الأم ولكنها صبرت صبر أيوب ورضت بقضاء الله وقدره محتسبة الأجر والثواب من الله الوهاب، علميني يا أختاه من هذا الصبر العظيم ..

(علموني من صبركم)..

أخ يفقد أخاه وعكاز حياته، ففقد الأخ مؤلماً وأيّما ألم، تَسْوَدّ الدنيا في وجه من فقد أخاه وحبيبه وتوأم حياته، تتنغص حياته ويعيش في نكد وضيق ..

(علموني من صبركم)..

أبناء يفقدون أباهم بعد صراع مع المرض امتد لأكثر من ثلاثين سنة؛ قدموا لأبيهم ألواناً من البر وصنوفاً من البذل؛ لم يتضجروا ولم يتأففوا، وإنما قدموا دروساً في الصبر والبر ..

(علموني من صبركم)..

أب يفقد ولده بدون مرض ولا علة، موت الفجأة، صدمة مثلتها وفاة هذا الإبن البار بوالديه، فكان صبر أباه يضرب به المثل ..

(علموني من صبركم)..

أم تفقد أبنائها الواحد تلو الآخر حتى آخر بنت لها التي تصوم وتفطر على رؤيتها، ولكنها فجأة وبدون مقدمات اختارها الله لتكون في جواره وفي مستقر رحمته، فعاشت تلك الأم المكلومة بين الحزن والمرض سنين طويلة وكانت صابرة محتسبة الأجر والثواب من الله الوهاب ..

(علموني من صبركم)..

نتعلم من كل هؤلاء عظيم صبرهم على البلاء والابتلاء 

لنصل معاً إلى حقيقة لا جدال فيها؛ بأن الصابرين لهم الجنّة جزاء صبرهم؛ مصداقا لقوله تعالى : (إنما يُوَفّى الصابرون أجرهم بغير حساب)..

جعلني الله وإياكم من الصابرين؛ لننال ثواب رب العالمين..