سـوق صـحـار التـجـاري..
عـيسى بن سالـم البـلـوشـي
سـوق صـحـار التـجـاري..
مؤخّراً تم إعادة افتتاح سوق صحار التجاري بنمط معماري فريد وجذاب، ويعتبر السوق من الأسواق النموذجية في سلطنة عمان حيث يمزج بين التراث التقليدي وتجربة التسوق العصرية، فصحار بوابة الشرق وأرض النحاس وميناء عمان الفريد للتصدير وإعادة التصدير، وهي قلب الصناعة العمانية قديما وحديثا.
ذكر الاصطخري في مسالك الممالك عن سوق صحار بأنها: “بلد من أعمر بلاد العرب وأغناها وأطفحها بالمتاجر”. كما ذكر أن صحار قصبة عمان لأنها على البحر وبها متاجر البحر ومقصد المراكب. واستطرد بأنها أعمر مدينة بعمان وأكثرها مالاً ولا تكاد تعرف على شاطئ بحر فارس بجميع بلاد الإسلام مدينة أكثر عمارة ومالاً من صحار، وبها مدن كثيرة، وأن حدود أعمالها 300 فرسخ وكان الغالب عليها الشراة”.
ووصف ياقوت الحموي مكانة صحار التجارية بأن قال : “صحار قصبة عمان مما يلي الجبل وتؤام قصبتها مما يلي الساحل، مدينة طيبة الهواء والخيرات والفواكه، مبنية بالآجر والساج، كبيرة ليس في تلك النواحي مثلها. وليس على بحر الصين – يريد موانئ الجزيرة التي على بحر الهند – بلد أجلّ منه، عامر آهل، حسن طيب نزه، ذو يسار وتجار وفواكه، وأسواق عجيبة وبلدة ظريفة ممتدة على البحر، دورهم من الآجر والساج، شاهقة نفيسة، ولهم آبار عذبة وقناة حلوة، وهم في سعة من كل شيء، وهي دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق”.
وليست صحار من الأسواق العامة ولا من المواسم مثل عكاظ، وإنما هي سوق تجارية محضة لما حولها ولمن يقصدها، على أنها كثيرا ما يأتيها التاجر البعيد من مختلف المناطق والدول الأخرى. ونستطيع أن نستخلص من وصف ياقوت مدى أهمية الشأن التجاري الذي كانت تتمتع به صحار في الجاهلية والإسلام. فقد كان بها تجارات واسعة تجلب من وإلى مختلف أقطار الجزيرة العربية واوربا وامريكا وافريقيا. تقام السوق العامة في صحار من عاشر رجب إلى الخامس عشر منه بعد انفضاض سوق حباشة. والظاهر أنها تمتد إلى ما بعد الخامس عشر من رجب.
كان سوق صحار التجاري يعج بالزبائن على امتداد التاريخ وخصوصا في بداية النهضة المباركة فالسوق يضم العديد من المحلات التجارية لبيع السمك الطازج والمجفف ومشتقاته ويبيع الحلوى العمانية بالإضافة الى الفضيات والإلكترونيات وأدوات الطبخ والبهارات وغيرها من السلع، إلا أن السوق تعرض الى حريق ضخم سار على أغلب المحلات ودمرها ثم أهمل وترك، لتبدأ في عصر النهضة الحديثة حكاية جديدة لسوق صحار التجاري المحاذي لقلعة صحار. حيث تم إعادة بناء سوق صحار بطراز معماري فريد من نوعه على مساحة مقدارها 4575 متراً مربعاً، ويحاذي السوق كورنيش صحار ويقع في منطقة تجارية متكاملة تضم سوق الجمعة التقليدي وسوق القلعة للحرفين ومجموعة من المطاعم والمقاهي وجامع صحار ومكتب والي صحار وعلى بعد 15 كم من ميناء صحار. وللسوق 4 بوابات، وروعي في التصاميم الهندسية للسوق صحار الأشكال المعمارية والتفاصيل التراثية القديمة لسوق صحار القديم وقلعة صحار التاريخية.
يُأمل أن يكون السوق مقصد السياح والزائرين والمقيمين ليأخذهم في رحلة تاريخية وتجارية عصرية لمشاهدة جماليات الإرث التقليدي الصحاري والعماني الأصيل .. يقدم السوق تجربة فريدة للتسوق، فهو يربط الثقافة الصحارية العمانية العريقة بنمط الحياة الحديث والتسوق بالترفيه والمنتجات التراثية بالعلامات التجارية المحلية الفريدة.