الثقوب السوداء في أي تشريع أو قانون !!..
عـيـسى بن عـلـي الغـساني
محام ومستـشار قانـوني
الثقوب السوداء في أي تشريع أو قانون !!..
ما هو الثقب الأسود : التعريف العلمي للثقب الأسود هو نقطة او منطقة تتميز بجاذبية قوية لا يفلت منها شيء جسيمات او موجات او اشعاع وتحدث اختلالا كبير لكل ما هو قريب منها بحيث تعيد تفكيك وإعادة تشكيل كل ما يدور حولها. هذا التعريف يقودنا الى الإشكالية القانونية المشابهة لدور الثقب الأسود والتي تعطل التشريع بحيث يخرج عن مساره المرسوم له ويخفق في تحقيق النتائج المتوقعة او الأهداف المأمولة ، وهذه الثقوب السوداء التشريعية ثلاثة وهي 1.تصميم الأفكار 2. أهمية وجود نظام تصحيحي للتفسير الخاطئ للقانون 3. غياب المسؤولية عن الأخطاء الجسيمة المتعمدة التي تعطل القانون وتهدر الحقوق.
1. تصميم الأفكار..
والتشريع أيا كان مرتبته يسعي لتحقيق غايات في جوهرها تدور حول المصلحة العامة للفرد والمجتمع ،ولكي تتحقق هذه الغايات يجب أن تكون واضحة ومقننة ، يستوعبها ويدرك مراميها المؤكل اليهم صياغة البناء التشريعي من ادني الهرم الى أعلاه .وعلى تلك الغايات تصمم الأفكار وتبني على قاعدة التكامل الفكري لنصوص واحكام التشريع .وتصميم الأفكار ليس عمل فردي أو نقل اعمي من تشريعات اخري ولكنة عمل له أصوله الفكرية والتنظيمية ويحكمه نظام تشريعي على المستوي الاستراتيجي يتناغم مع المبادئ العليا للدولة والمجتمع وهي المبادي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن ناحية اخري يحدد من وكيف ومتي ولماذا يسن التشريع ،وإذ غاب هذا الطور التشريعي ،ادي ذلك الى صدور تشريعات قاصرة فكريا تخرج بالتشريع في أحيان عن المسار المرسوم لة والنتيجة المتوقعة له وتحدث ارتباك واختلال عند التطبيق والتفسير.
2. أهمية وجود نظام تصحيحي للتفسير الخاطئ للقانون..
إن وجود نظام تفسير علمي ومنهجي للنص القانون يحقق وحدة التفسير وصحتها وتصحيحها في الوقت المناسب وكذلك المساهمة في تعديل النص القانوني واستبداله ان اقتضي الامر وتركن جل الأنظمة القانونية لوضع قوانيين التفسير ،ونقص وغياب هذه التقنين يشكل مشكلة ناهيك عن الدخول في نفق الاجتهادات والتصورات الشخصية لمفسري النص القانون وتداخل العمل التنفيذي مع العمل التشريعي او التفسيري للقانون وهذا يدخل التطبيق السليم للقانون الى مرحلة عدم الوضوح والارتباك وربما يفقد القاعدة القانونية مصداقيتها .وكل النظم القانونية ،تتعرض لأخطاء تفسير القانون ومن ثم الخطأ في تطبيقه ، لكن وجود نظام تصحيحي للأخطاء يمثل الفرق بين المرونة التشريعية والجمود التشريعي القاتل ،وهنا يطرح التساؤل كيف لنا أن نقيم بأن التفسير خاطئ وغير صحيح ،وهذا تساؤل مشروع ، الجواب نستطيع التفريق بين التفسير الصحيح والتفسير الخاطئ ، من خلال وجود جهة مستقلة من المنوط بهم تطبيق القانون وتفسيره ،وتتعدد هذه الجهات في الأنظمة القانونية وهي على المثال وفي هرمها المحاكم الدستورية التي تحكم ببطلان نص او قانون ،استنادا الى عدم صحة السند الدستوري يليها المحاكم التي تفسر القانون ومنها الإدارية التي بعدم صحة قرار .وهنا وجود نظام منهجي للتقييم النظام التصحيحي امر في غاية الضرورة ،ذلك أنه متعلق بأهم عنصر وهو الثقة في تطبيق القانون ،فكلما ارتفع معدل الثقة في التطبيق الصحيح للقانون ،ارتفع معدل التنمية البشرية والاقتصادية.
3. غياب المسؤولية عن الأخطاء الجسيمة المتعمدة التي تعطل القانون..
أحد مثالب أي نظام قانون هو غياب المسؤولية عن الأخطاء التي ترتكب بحق تطبيق وتفسير القانون وتؤدي الى افقاد الثقة في النظام القانوني وتعطيل القانون وضياع الحقوق التي سنت لحفظ النظام الاجتماعي وتحقيق الامن النفسي والقانوني، فعند غياب المسألة ترتفع الأخطاء والتجاوزات كما وكيفا ،وهذا يمكن رصدة بمتابعة كم التظلمات والدعوي المرفوعة ضد جهة إدارية ،وتقتضي المصلحة العامة رصد لهذه الظاهرة وتحليلها ودراسة اثارها على المستوي القريب والبعيد .وعلى الأخص مبدأ الثقة بالقانون.