بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً فحسب!!..

الدكتور/ محمد المعـمـوري

كاتـب وباحـث عـراقـي

 

لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا فحسب!!..

 

إن شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تنفرد كونها الشخصية الروحية التي تحمل مبادئ السماء وتنفذ ما يوحى اليها من رب العزة سبحانه الى البشر كافة، وكذلك شخصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت شخصية سياسية واقتصادية تنفرد بدقة التعامل مع السياسة (الصادقة) لتجمع المجتمع تحت دولة عصرية حديثة مبتعدة عن الصراعات العرقية والطائفية فجمع محمد صلى الله عليه وسلم تلك المسارات وجعلها تسير باتجاه واحد يتحكم فيها شرع الله والاحكام السماوية وهكذا استطاع صلى الله عليه وسلم ان يبنى الدولة الاسلامية الرصينة التي امتدت شرقا وغربا فاصبح الان عدد سكان المسلمين اكثر ومن مليار وسبعمائة مليون مسلم متوزعين في كافة البقاع.

ولنقف لبرهة ونتخيل المدينة قبل دخوله صلى الله عليه وسلم اليها لتبينت لنا صورة متشعبة في رقعة جغرافية يتشارك في تكوين مجتمعها من قبائل عربية وقبائل يهودية فتناقضت السياسة الحاكمة في المدينة قبل وصوله صلى الله عليه وسلم وهو مهاجرا من َمكة نحو المدينة المنورة.

وتجلت سياسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مواقع عدة لترسم نظريته السياسية والاقتصادية كونه اعتمد الحكمة هي السبيل الصحيح في ادارته لسياسة المجتمع في المدينة المنورة وكذلك تجلت بأبهي صورها عندما عقد حلف الحديبية وكان صلي الله عليه وسلم في اوج انتصاره وبعد ان اصبحت قريش تعترف وتتحسس بخطر وجود الاسلام وقوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسوخ عقيدته وتجمع الصحابة حوله وايقنوا ان لا قوة في الجزيرة تتمكن من ان تكسر تلك الاواصر التي زرعتها العقيدة الاسلامية والتي تربت عليها اخلاق وتصرفات الصحابة فزادت القوة وكبرت معهم تحدياتهم لقريش فانهزمت قريش امام عقيدة الاسلام ومضت سيوف المسلمين لترسخ تحقيق العدالة السماوية في ارض الجزيرة، إلا أن محمد صلى الله عليه وسلم لم (يُعجب) بانتصاراته فوقٌع صلح الحديبية رغم أن شروطها كانت قاسية علي المسلمين والدولة الاسلامية الا ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان ينظر للأمام كان يريد هدنة تؤهله لنشر الدين خارج الجزيرة العربية بأسلوب سياسي محكم وقد فعل صلى الله عليه وسلم.

وعوداُ على ذي بدء فإنني أعيد حروفي لأسطرها في محراب سيدنا رسول الله، واقف عند لحظات استقبال اهل المدينة لمحمد صلى الله عليه وسلم ليكون دولة الاسلام في هذه البقعة وهو الذي خرج مع صاحبة تترقبه سيوف قريش فكان محمد وصاحبه ينتقلان الي المدينة المنورة لكي يحط صلى الله عليه وسلم في المدينة ويأمر بشراء ارض لبناء المسجد النبوي، فلم يكن منشغلا في بناء بيتا لعائلته لذا كان اكبر همه ان يجمع المسلمين في مسجد يتعبد فيه معه وكذلك يخطط لهم سياسة دولة الاسلام الجديدة فأصبح المسجد النبوي مسجدا للعباده ودارا للإدارة الدولة الاسلامية الفتية و تناقل الشريعة في كيان تتجول في ارجائه مايوحى لمبلغها فتتحاور الاراء وتترسخ العقيدة في الاتصال المباشر مع نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فيكون المسجد النبوي دارا للتبليغ وبيت للدولة المسلمة فكان قائدهم يتصل بهم خمس اوقات في اليوم فتأخذ من لسانه كل التعليمات والتبليغات والتشريعات السماوية وتطرح كل الامور السياسية في مسجد الاسلام في حيز معلوم وقائد بين رجاله.

اما الجانب الاقتصادي فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم التدبير الصحيح والنظرة الاقتصادية التي رفعت عن عاتق المسلمين في المدينة أعباء العيش التي كانت تفرضها السوق في المدينة؛ حيث كانت هناك سوق واحد وهو سوق يهودي يتحكم بهؤ اليهود، وهذا السوق أسس على الربا والتعاملات الاقتصادية المشبوهة ، فانشأ المسلمين سوقا خاصا بهم كانت اركانه تستند الي الشريعة الاسلامية التي اصبحت السمة الاكثر وضوحا في المدينة وقد تمكن محمد صلي الله عليه وسلم من نقل المواطن الساكن في المدينة من استغلال اليهود وفرض الربا الي ماهو يتناسب مع خلق الاسلام.
وكذلك انتبه سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الي موارد المياه في المدينة فعلم ان الماء محتكر عند يهودي وكان هذا البئر يسمي “رومة” فاجتمع صلي الله عليه وسلم بأصحابه وقال مَنْ يشتري البئر وله عين في الجنة فتم شرائها من قبل أحد الصحابة المهاجرين ومنحت للمسلمين فأصبح الماء يجهز للمسلمين بلا ثمن وتعايش الناس في المدينة مع أسواق بلا ربا وعيشة بلا ضرائب وماء بلا ثمن، صلى الله عليك وسلم سيدي رسول الله.

أما المجتمع في المدينة فإنه متكون من مهاجرين وأنصار وهذا يمثل جانب المسلمين أما السكان الآخرين فكانت لقبائل اليهود، أصدر صلى الله عليه وسلم وثيقة المدينة وتعتبر دستور الدولة الاسلامية والتي من خلالها نظم سياقات العمل والتعامل بين هذا الخليط المختلف في المجتمع المدني الجديد الذي يؤسس لدولة الاسلام الحديثة.

تعليق واحد

اترك رداً على المهندس رياض الغريري إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى