أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

سـوابـق الـشـقـاء..

ماجـد بن محـمـد الوهـيـبـي

 

سـوابـق الـشـقـاء..

 

إن من التفريط بمكان أن تأتي العبر للإنسان، الواحدة تلو الأُخرى، ولكن دون جدوى، وإن من الندم بمكان أن تأتيه الذكرى، ولكنه يصر على الذنب والعصيان.

حتى إذا ما وقع الفأس على الرأس، وانقطعت عنه الأنفاس، طلب العودة بعد ذهاب العقل والاحساس؛ لعله يصحح المسار ويستقيم كما استقام الناس.

إن مغريات الحياة كثيرة، وسبل الضلال منتشرة ومتشعبة، ولكن المرء يحدد الوجهة منذ البداية ليأمن في النهاية، فكم من واحدٍ منا أتته العبر من الله العظيم رأفة ورحمة منه، والفَطِن من اعتبر، وترك طيب الأثر.

والأحمق من تولى واستكبر، ولم يتعلم لا من الدروس ولا من العبر، واستمر في ضلاله من الصغر إلى الكبر، وعاش أبد الدهر ، بين الوحل والحفر.

فالرحلة تحتاج لزاد يتزود به المرء، وما أطول السفر، نعوذ بالله من سوابق الشقاء وسوء المستقر.

كثر العويل والبكاء بعد أن هوجم العفاف، وانعدم الحياء، وكثر المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال بلا حياء،
وأي بيئة هذه التي تصفّق للباطل، وأي حُمْقٍ هذا بل أي غباء؟!.

وهذا من سوء التدبير في إدارة الموارد، وقد أرهق هذا كاهل الفقراء، فسادٌ يتلوه فساد، وضرائب وظلم وغلاء.

فئة تنخر كالسوس، وتغرف الرمال من الصحراء كالذئاب الضواري التي تنهش
لحم الظباء، هكذا هم بعض الرجال يسفكون الدماء، ويستحلون أعراض النساء.

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “سَيَجِيءُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ ، تَكُونُ وُجُوهُهُمْ وُجُوهَ الْآدَمِيِّينَ ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبَ الشَّيَاطِينِ ، أَمْثَالُ الذِّئَابِ الضَّوَارِي ، لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ شَيْءٌ مِنَ الرَّحْمَةِ ، سَفَّاكُونَ لِلدِّمَاءِ ، لَا يَزِعُونَ قَبِيحًا ، إِنْ تَابَعْتَهُمْ وَارَبُوكَ ، وَإِنْ تَوَارَيْتَ عَنْهُمُ اغْتَابُوكَ ، وَإِنْ حَدَّثُوكَ كَذَّبُوكَ ، وَإِنْ أَمِنْتَهُمْ خَانُوكَ ، صَبِيُّهُمْ عَارِمٌ ، وَشَابُّهُمْ شَاطِرٌ ، وَشَيْخُهُمْ لَا يَأْمُرُ بِمَعْرُوفٍ ، وَلَا يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، الِاعْتِزَازُ بِهِمْ ذُلٌّ ، وَطَلَبُ مَا فِي أَيْدِيهِمْ فَقْرٌ ، الْحَلِيمُ فِيهِمْ غَاوٍ ، وَالْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ فِيهِمْ مُتَّهَمٌ ، الْمُؤْمِنُ فِيهِمْ مُسْتَضْعَفٌ ، وَالْفَاسِقُ فِيهِمْ مُشْرِفٌ ، السُّنَّةُ فِيهِمْ بِدْعَةٌ ، وَالْبِدْعَةُ فِيهِمْ سُنَّةٌ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ شِرَارَهُمْ ، وَيَدْعُو أَخْيَارَهُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ” .. الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 9/171 | التخريج : أخرجه ابن أبي حاتم في (التفسير) (18970)، والطبراني (3/47) (2641)، والشجري في (الأمالي).

وكم حذر العلماء من سوابق الشقاء، ومن فتنة الدنيا وشر النفس والهوى، وقد تعهد إبليس أن يقود أتباعه إلى الهاوية، والمؤمن الحق هو من يتجنب هذه المغريات، وتتعلق روحه بخالقه وطاعته، ويكون في كل ما يأتيه ويذره بين الخوف والرجاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى