أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

المـوهـوبـون فـئـة اسـتثـنائـية..

الدكـتـورة/ سـلـوى سـلـيـمـان

خبير تربوي ، واستشاري اكتشاف ورعاية موهوبين

 

المـوهـوبـون فـئـة اسـتثـنائـية..

 

هناك توجه ملحوظ في كافة أنحاء العالم للاهتمام بكشف ورعاية الموهوبين، من منطلق أنهم الثروة الحقيقية للأمم والاعتماد عليهم يساهم في التنمية والتقدم؛ والمعضلة هنا ليست مجرد رعاية الموهوبين ولكن استمرار الرعاية فكم من مواهب برزت وأذهلت العالم في مراحل حياتها الأولى، ثم سرعان ما ضعفت همتها حين لم تجد من يأخذ بيدها، أو حين غاب عنها الشغف والرعاية، ولم تلبث أن خفتت وتلاشت !!.

يقودنا ذلك إلى أهمية تقدير هذه الفئة وشملها بالرعاية وايضا تمكينهم ، لأن ذلك يعد نتيجة ضرورية وحتمية لمرحلة التطور التي تمر بها المجتمعات والدول والأمم.

في حين أن هذه الفئة لا يمكن إيجادها مصادفة، لأن المصادفات لا تصنع المعجزات بل يتطلب الأمر البحث عنهم بشكل دقيق وصادق، وعند تتبع حياة الموهوبين الذين أثروا العالم بإبداعاتهم نجد أن موهبتهم لم تظهر فجأة ولكنها مرت بمراحل فعلية بدءاً من الاكتشاف إلى الرعاية إلى التمكين، لذا من الأهمية بمكان أن يتركز البحث عن الموهوبين في كل بقعة وزاوية، ثم متابعتهم وتمكينهم،لأنهم مورد لا ينفد للاقتصاد الإبداعي.

و”الموهبة” بحسب المعاجم اللغوية المختلفة، هي القدرة أو الاستعداد الفطري لدى الفرد، وقد نجد صعوبةً وتشعّباً وخلطاً بين مفاهيم “الموهبة” وغيرها، مثل العبقرية والإبداع والابتكار والتفوّق والتميّز والذكاء… أما فيما يخص الموهوب فكثير من الباحثين والعلماء اتفقوا على أنه مَنْ يمتاز بالقدرة العقلية التي يمكن قياسها من خلال القدرة على التفكير والاستدلال،و القدرة على تحديد المفاهيم اللفظية والقدرة على إدراك أوجه الشبه بين الأشياء والأفكار المماثلة، والقدرة على الربط بين التجارب السابقة والمواقف الراهنة.

الموهوبون اليوم يمثلون شريحة غالية من مجتمعنا ، وزادت نسبتهم واكتشاف مواهبهم في السنوات الأخيرة الماضية.ومن نعم الله سبحانه وتعالى أن معظم الأفراد يولدون وهم يملكون قدرات إبداعية ومواهب متنوعة، وهذه القدرات وتلك المواهب يمكن أن تنمو وتتطوّر مع تقدم الأفراد في المراحل العمرية المختلفة إذا ما شملت بالرعاية والاهتمام، بدءاً من اكتشافهم باستخدام طرق مقننة ورعايتهم من خلال دمجهم في برامج تستهدف رعايتهم الرعاية المتكاملة حتى تمكينهم.

وتأتي ذلك من القناعة بأهمية رعاية الموهوبين، ورفع مستوى القاعدة البشرية التي تخدم حاضر الدولة ومستقبلها. لذلك لابد من تصميم خطة وطنية لرعاية الطلبة الموهوبين وفق أحدث ممارسات الرعاية والأدوات والمنهجيات الحديثة، وذلك كله لتحقيق نقلة نوعية في مجال رعاية الموهوبين.

والموهوبون هم الذين يمتلكون استعدادات وقدرات استثنائية، والذين يظهرون أداءً متميزاً وملحوظاً يفوق أقرانهم في القدرات العقلية، ومن أبرز الصفات التي من الممكن أن يمتلكها الشخص الموهوب القدرة على التعبير الرمزي المختصر، سلاسة الفكر، وسرعة البديهة، والقدرة على التعبير بمفردات لا يعرفها أقرانهم وقوة الذاكرة وانجذابهم للأمور الغامضة والمعقدة والتي لا يفهمها الكثيرون والقدرة على الإبداع والخروج عن المألوف، والجرأة وحب الاستطلاع والقدرة على إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجههم والتكيف مع المحيطين بهم.

ومن هنا فعملية الكشف عن الموهوبين من أهم مراحل إعداد البرامج الخاصة بهم، ومن خلالها يتم التعرف إلى الطلبة الموهوبين بهدف تقديم الخدمات والبرامج التربوية المناسبة لهم، وهذه البرامج تعمل على تلبية حاجاتهم، وتتحدى قدراتهم وتعمل على تنميتها وتطويرها، وتحديد نوع الموهبة ومستواها يساعد على تحديد حاجات الطلبة الموهوبين، وتوجيه الطلبة إلى البرامج الأكثر ملاءمةً لتنمية مجالات تميّزهم.

وهنا يأتي دور الأهل في تحفيز أبنائهم الموهوبين، وتوفير الإمكانيات والبيئة المناسبة لهم قدر المستطاع كي تساعد على الإبداع والابتكار وتنشيط عقولهم وتنمية روح الخيال. والكثير من الطرق التي تشجع وتعطي للموهوبين الفرصة للتعبير عن قدراتهم وموهبتهم.

في الأخير .. الموهوبون ثروة غنية في مجالات تطوّر الدول وتقدمها، لذا لابد من إحاطتهم بالعناية والرعاية اللازمة، ووضعهم في البيئة الملائمة لإبراز مواهبهم وطاقاتهم الكامنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى