تركيا المتقدمة ومجريات الانتخابات الرئاسية !!..
وافـي الـجـرادي
صـحـفـي ومحلّـل سـيـاسـي
تركيا المتقدمة ومجريات الانتخابات الرئاسية !!..
بغض النظر عن دهاليز السياسة وولاءاتها القذرة، ثمةً اهتمام متزايد لما ستؤول إليه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية وللمرة الثانية من جولة الإعادة، هذا الاهتمام محل أنظار العالم أجمع؛ لما تُشكله تركيا من تأثير على الصعيد الإقليمي والدولي.
من المهم القول بأن تركيا ما قبل مجئ رجب طيب أردوغان للحكم أي قبل 20 عاماً كانت غارقةٌ في مستنقع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فالاتراك حينها كان يتوخاهم الجوع والفقر والبطالة، وعملتهم الليرة تناهز 1500 ليرة مقابل دولار واحد، وحياتهم المعيشية تعسة، ويسود واقعهم كل الصعاب والمتاعب، وكل ذلك لم يكن بداعي عدم وجود موارد أو إمكانات؛ وإنما لوجود أنظمة سياسية هشة قائمة على الفساد، ولم يكن لديها رؤى وأهداف تنموية واعدة كما حدث إبان مجئ الطيب “رجب طيب أردوغان” لينقل تركيا من بلدٍ متخلف وفقير إلى واحد من أسرع اقتصادات العالم وأقواها.
بفعل تبني الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” فور فوزه في الانتخابات الرئاسية في أغسطس 2002م، لبرامج اصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية هادفة؛ استطاع أن يُداوي جروح وآلام شعبه المنهك حينها الغارق في براثن الفوضى والفقر والبطالة، وأن يستغل موارد وإمكانات بلاده في تحقيق تنمية اقتصادية لطالما وصفت بالنموذج الواجب الاستفادة منه لدى دول وشعوب العالم التوّاقة للنمو والتنمية، ولهذا وكما أسلفت فقد نجح أردوغان في تحقيق تقدم اقتصادي وتنموي صاعد، تمخّض عنه بلوغ تركيا المرتبة الـ 13 عالمياً في الاقتصاد والـ 5 عالمياً في الزراعة والـ 6 في الصناعة والـ 7 في السياحة، فحين توجد الإرادات السياسية الكفؤة والحريصة على بناء الشعوب واستغلال الموارد تتوفر كل مقومات النجاح والرخاء والإستدامة.
لا شك أن حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان نجح وعلى كافة الصعد في تحويل تركيا من دولة فقيرة الى دولة متقدمة مزدهرة، وانتشلها من قوائم الدول والمجتمعات المتخلفة لتصبح ضمن قائمة الدول العشرين المتقدمة اقتصاديا؛ فقبل 20 عاماً لم يكن التركي سوى مجرد مستورد لأبسط مقومات الحياة، وبات اليوم بفعل كفاءة القيادة يُصَدّر للعالم احتياجاته من الغذاء والدواء والسلاح والصناعات الأخرى، فضلاً عن جذب عشرات الملايين من السُّياح من مختلف أقطار العالم.
فماكان بالأمس ميتاً بات حيٌاً، فمن رحم المعاناه يُولدُ الإبداع، وهنا الإبداع التركي لخير مُجسّد ومحفز للبشرية جمعاء.
ولأجل التقدم والازدهار التركي وبقيادة أردوغان، وما لتركيا من تأثير على الساحة العالمية؛ لاغرابة من أن الغرب ومعه بعض من القوى الإقليمية يبدون تخوفهم من فوز “رجب طيب أردوغان” في الانتخابات، فللأسف هذه القوى يُزعجها ويُغضبها نجاح تجارب الدول وتحديداً من لا تنصاع للأوامر والنواهي، ولا تمد يد الطاعة، كما وإن إسلامية الشعب التركي وحبه للقضايا العادلة جعل من هذه القوى تنظر له بمنظور عدائي، وتحسب له كل الحسابات، لكن الوعي والثقافة والمعرفة هي الضامن الفعلي لبقاء تركيا متقدمة واعدة، وإن خسر أردوغان كرسي الرئاسة.
لكن يبدو أن فوز أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات لفترة رئاسية أخرى حتى 2028؛ قد وجه لطمة مؤلمة للدول التي كانت تريد خسارته وخروجه من المنافسة؛ ليخلو لهم وجه تركيا من جديد مع من دعموهم ليصلوا لسُدّة الحكم أملا في عودة العلمانية والارتماء في أحضان الغرب ووكلائه.