بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

سلطنة عُمان .. إرث العادات الطيبة الذي يتحدى الزمن

الدكتور محمد السيد يوسف لاشين

أستاذ علم النقد الاجتماعي والفكر الناقد

سلطنة عُمان، ذلك البلد العريق الذي تمتد جذوره في عمق التاريخ، يعد نموذجًا فريدًا في الحفاظ على العادات والتقاليد الطيبة التي أسست لها مكانة خاصة بين الأمم. وقد شهدت عُمان عبر القرون تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، لكنها ظلت متمسكة بموروثها الثقافي والحضاري، الذي يعكس قيم التسامح، التعاون، والاحترام.

من أبرز العادات الطيبة التي تشتهر بها سلطنة عُمان هي الضيافة البالغة، التي تُعد جزءًا من هوية الشعب العُماني؛ سواء كان الزائر غريبًا أو قريبًا، يُستقبل بترحاب دافئ وقهوة عربية تقليدية، يرافقها التمر والحلوى العمانية ورائحة اللبان الزكية، بالإضافة إلى أنواع الطعام المختلفة؛ هذه العادة، التي توارثها العمانيون جيلًا بعد جيل، أصبحت رمزًا للكرم العربي الأصيل.

سلطنة عُمان مثال يُحتذى به في التسامح الديني والتعايش السلمي، فمنذ مئات السنين، عُرفت البلاد بسياسة الاعتدال والانفتاح، ما جعلها موطنًا للتنوع الثقافي والديني، كما يحترم العمانيون بعضهم البعض والآخرين بغض النظر عن أعراقهم وانتماءاتهم، ويعيشون بتناغم يُجسد مفهوم الوحدة في التنوع.

لقد ظل اللباس العُماني التقليدي، كالدشداشة والعمامة للرجال، والحلي والملابس المختلفة من محافظة لأخرى الخاصة بالنساء، ركنًا أصيلًا من الثقافة العُمانية، ورغم تطورات العصر، يحرص العمانيون على ارتداء هذه الملابس في المناسبات الرسمية والاجتماعية وحتى في حياتهم اليومية، كتعبير عن ارتباطهم بجذورهم وهويتهم الوطنية، وهناك العادات المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية، كالأعراس والاحتفالات الدينية، تُبرز روح التعاون بين أفراد المجتمع، إذ تتسم هذه المناسبات بالمشاركة الجماعية، حيث يتكاتف الجميع في إعداد الولائم وتنظيم الفعاليات، مما يعزز أواصر المحبة والتلاحم.

لقد أثبت العمانيون عبر الزمن أنهم شعب يحترم بيئته وتراثه الطبيعي، فنجدهم يحافظون على الأفلاج، وهي نظام الري التقليدي الذي يُعد من أبرز مظاهر التراث العالمي، فضلًا عن الاهتمام بالمحميات الطبيعية وصون البيئة البحرية والبرية.

إن سر صلابة هذه العادات الطيبة واستمراريتها يكمن في تمسك العُمانيين بقيمهم الدينية والأخلاقية، فضلًا عن دور الأسرة في نقل هذا الإرث إلى الأجيال جيلا بعد جيل، وقد ساهمت القيادة الحكيمة لسلطنة عُمان في تعزيز هذه القيم، حيث تُعتبر نموذجًا يُحتذى به في دعم التراث والحفاظ على الهوية الثقافية.

لقد أثبتت سلطنة عُمان على مر العصور أن العادات الطيبة ليست مجرد ممارسات يومية، بل هي جذور راسخة تعكس قوة الإنسان العُماني وصلابته في مواجهة تحديات الزمن. هذه العادات ليست فقط مصدر فخر لأهل عُمان، بل هي إرث إنساني يُلهم العالم بأسره.

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى