
في الوهم السياسي .. !
حسين الذكر
إعلامي وروائي
يقول العلامة علي الوردي رحمه الله إن المفكر لا يصلح للسوق التجارية ومن يدخلها عليه أن يركن العقل جانبا . لأن السوق لا يحتكم ويتحكم به العقل إلا بجزء يسيير والبقية تمشي بهدی غريزة واستمكان باطني العودة فيه لمنطق العقل وآلياته الواقعية تقتل تلك الموهبة المهمة للتمكن بالسوق التجارية.
في السياسة .. ينبغي نزع العقل الظاهر المجرد – بمعنی المبدأ العام – وركنه جانبا كي يكون العامل في حقلها الغامض وميدانها الوعر قادر علی التحرر والتخلص من كثير القواعد المتحكمة بالذات غير القادرة علی قراءة المشهد السياسي والتعاطي مع مفرداته وفهم متطلباته بروح سياسية لا شخصية أو أسرية أو أوسع وأبعد قليلا من ذلك ..
صحيح أن المشهد العراقي والعربي بنسب ما لا يعد أنموذجا للقياس السياسي وفقا لآليات صناعة القوی وقياداتها ووجهتها ونهاياتها التي عادة ما تنتهي بالعزل أو القتل أو التوارث .. مما يفقد السياسي الحرية التي تعد من أهم متطلبات العمل السياسي فضلا عن سعة وعمق وبعد وثقة مرجعيته .. بصورة عامة السياسة ترجمان فن الممكن لكنه ممكن وطني أبعد بكثير وأرفع شرفا من قضية تمكن شخصي أو ذاتي ضيق وربما مريض ..
فمن كان يريد ميزات المنصب لقصور اجتماعي أو نفسي متوارث فإن السياسية تغدو مجرد وسيلة مرحلية لا تسمن من جوع ولا تغني عن نقص ..فيما تبقی السياسة سيف إعجاز ووحي ورسالة لمن يتحلی بالخلق والمبدأ العام الذي لا تزيده السياسة إلا تأكيدا ولا يسلبه نزعها شيئا ..










