بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

‏من أراد السلم فليستعد للحرب..

الدكتور عدنان بن أحمد الأنصاري

محلل سياسي ، ودبلوماسي ، وسفير سابق

 

 

‏السياسة هي فن بناء التوازن بين القوة والمصلحة، لا بين الأماني والأحلام،
‏حين تتوقف أمة عن القتال من أجل أرضها، تبدأ بالتفاوض على قبورها.
‏أكبر مأساة ليست اضطهاد الأشرار، بل صمت الأخيار الأزمات الكبرى تلد أمماً كبرى.

‏ العالم لا يحترم إلا من يملك القوة ويحسن إدارتها..

‏فلسطين هي مرآة الأمة إذا بقي العرب أسرى للذلّ، فإن إسرائيل ستستمر في تحويل المنطقة إلى ساحة وصاية أمريكية – صهيونية.
‏أما إذا تحوّلت فلسطين إلى نقطة إجماع لبناء مشروع ردع عربي، فإنها ستكون منطلق نهضة عربية جديدة.
‏المستقبل لن يُكتب بالشعارات ولا ببيانات الشجب، بل بقرار استراتيجي يعيد صياغة معادلة القوة.

‏العالم لا يحترم إلا من يملك القوة ويحسن إدارتها..

‏لا توجد فراغات في السياسة الدولية، فإذا انسحبت قوة، ملأتها أخرى فوراً”.

‏ الضعف العربي أكثر ما يغري إسرائيل على التوسع والهيمنة
‏اليوم، فلسطين هي ميزان الكرامة العربية، والقصيدة التي تُعلي من شأن الموت بعزّة في الحياة ليست سوى تعبير قديم عن معادلة ما تزال تحكم واقعنا :
‏إما قوة تصنع الردع، أو خضوع يولّد التبعية والانكسار.

‏1. الذلّ العربي كوقود للهيمنة الإسرائيلية..

‏إسرائيل – دولة صغيرة في السكان والجغرافيا – تتحرك في المنطقة وكأنها قوة عظمى.
‏السبب ليس في حجمها، بل في الفراغ الاستراتيجي العربي.
‏حين يكتفي العرب بالشجب والوساطات، فإنهم يقدّمون “ماء الحياة بذلّة”، وهو ما وصفه برنارد لويس بأنه “الاستسلام الطوعي للانحطاط”.

‏2. فلسطين كساحة اختبار للردع..

‏فلسطين لم تعد مجرد قضية تحرر وطني، بل منصة اختبار لمدى جدية العرب في بناء أدوات الردع.
‏ كلما استباح الاحتلال الدم الفلسطيني بلا رد فعل عربي متكافئ، ازداد يقينه أن العرب يبيتون أسرى الطرف الأكحل.

هنا يتجلى قانون كيسنجر : “الردع ليس ما تملكه فقط، بل ما يُصدّقه خصمك عنك”.

‏3. انقسام القرار العربي..

‏بين دول ترى في التحالف مع إسرائيل حماية لمصالحها، وأخرى تعيش وهم الوساطة الدبلوماسية، ضاعت البوصلة.
‏والنتيجة أن الفلسطيني يقاتل وحده في الميدان، بينما العرب يتناظرون في قاعات المؤتمرات.

‏4. القوة كشرط للشرعية..

‏شرعية أي نظام أو دولة في المنطقة ستبقى ناقصة إذا تجاهلت فلسطين.
‏الشرعية في الشرق الأوسط تُصنع حول القدس، والدليل أن كل تسوية أو تحالف لا يضع فلسطين في مركزه يظل هشاً ومؤقتاً، لأنه يتجاهل الجرح الذي يربط الشعوب بمصيرها.

‏5. الخيارات أمام العرب

‏•بناء ردع إقليمي مشترك..
‏ليس إعلان حرب، بل إنشاء مظلة ردع جماعي تفرض على إسرائيل التفكير ألف مرة قبل أي عدوان.

‏• تنويع التحالفات الدولية..
‏الانفتاح على الصين، روسيا، والهند لتقليل ارتهان القرار العربي بالولايات المتحدة.

‏• تمكين المقاومة الفلسطينية..
‏اقتصادياً، إعلامياً، ودبلوماسياً، حتى تتحول إلى فاعل يصعب تجاوزه.

‏• إعادة صياغة الوعي العربي..
‏تحويل فلسطين من شعار عاطفي إلى مشروع قومي استراتيجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى