بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

قوة الجميع..

عيسى بن سالم بن علي البلوشي

 

في كل وطنٍ عظيم، هناك سرٌّ لا يراه الناس في المباني ولا في الأرقام، بل في القلوب التي تنبض بالعطاء، والأيدي التي تمتدّ للتعاون، والعقول التي تؤمن أن النهضة لا يصنعها فرد، بل يصنعها الجميع.

فقوة الأوطان لا تُقاس بما تملكه من موارد، بل بما تحمله قلوب أبنائها من إيمانٍ، وعقولهم من وعيٍ، وأيديهم من تعاونٍ صادق، وتكامل الجهود، وبشعور كل مواطنٍ أن له دورًا في البناء ومسؤولية في الحفاظ على المنجزات.

قوة الجميع هي التي تُحوِّل “الأنا” إلى “نحن”، وتُوحّد الطاقات حول رؤيةٍ مشتركة، وتُعيد تعريف النجاح بأنه نجاحٌ جماعي، لا فردي. فعندما يتعاون المواطن والمسؤول، والقطاع العام والخاص، والعقول الشابة مع الخبرات الراسخة، يولد وطنٌ لا يعرف المستحيل.

في أوقات الشدّة، تظهر هذه القوة أكثر وضوحًا؛ نراها في تلاحم المجتمع، في مبادرات الخير، وفي الأيدي التي تمتدّ قبل أن تُطلب. وفي أوقات الرخاء، تبقى القوة نفسها، تدفعنا نحو الابتكار، والإنتاج، والإبداع، كي نستحق المكانة التي نحلم بها لوطننا الغالي.

لقد أثبت التاريخ أن الأمم التي تؤمن بروح الجماعة هي التي تصمد، وأن الشعوب التي تتكاتف حول قيمها ومبادئها هي التي تبني مستقبلها بثقة. فالتنمية ليست أرقامًا تُكتب في التقارير، بل نبضًا يسري في الناس جميعًا؛ من العامل في الميدان، إلى الطالب في فصله، إلى القائد في موقعه.

إننا اليوم، أكثر من أي وقتٍ مضى، بحاجة إلى استحضار هذه الروح الجامعة التي تؤمن بأن الوطن لا يُبنى بفردٍ واحد، بل بقوة الجميع. فلنؤمن جميعًا أن قوتنا ليست في الفرد، بل في الاتحاد. أن اختلافنا مصدر تنوّع، وتعاوننا طريق ازدهار، وأنّ يدًا واحدة لا تصفّق، لكنها مع الأيدي الأخرى تصنع مجدًا لا يُنسى.

إن قوة الجميع هي رسالة المرحلة، وسرّ المستقبل، وعنوان النهضة.
وحين نقف معًا – بعقولنا وقلوبنا وأعمالنا – سنبقى أوفياء لوطنٍ لا يُقاس بحجمه، بل بعظمة من يؤمنون به ويعملون لأجله.

قوة الفرد عظيمة… ولكن قوة الجميع لا تُقهر.
ومن هنا يبدأ المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى