الدعـاء واجب ومستـجاب..
الإعـلامي/ محمـد بن خميـس الحسني
“عـزف عـلـى وتـر مقـطـوع”..
الدعـاء واجب ومستـجاب..
من الأمور المستغربة أن هناك فئة من الناس تجادل في أمور قطعية كان القرآن دليلاً عليها، ناهيك عن الأحاديث النبوية الشريفة..
لقد أكد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أهمية الدعاء بالنسبة للمسلم فمن غير خالقنا نلجأ له في كل وقت وهو القادر على كل شي ، وحين روي أن أعرابياً قال : يا رسول اللّه أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فسكت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه : ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي…﴾.
فيما لاشك فيه أن للدعاء فوائد عديدة أهمها التقرب من الله ، واليقين بقدرته تعالى وحده على الاستجابة ، وتحقيق دعوة الداعي ، فالدعاء هنا مستجاب ، وهنا قد يقول قائل هناك أناس تدعو ربها كل يوم ليل نهار ولكن دون استجابة تذكر ، وهنا نذكر قول الله سبحانه وتعالى في نبيه يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت ، وفي تلك الظلمات المُدلهمّة فقد أخذ يدعو الله عز وجل ، ويستغفرهُ ، ويسبّحه تبارك وتعالى قائلاً ما ورد عنه في القرآن : ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
فاستجاب الله لدعائه وتسبيحه ، حيث قال عز وجل : ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) ۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146)﴾.
وفي القرآن آيات كثيرة وفي السنة الشريفة أحاديث عديدة تدل على وجوب الدعاء وإجابة الله لدعاء عباده لا مجال لذكرها هنا ، لأنه يكفيها مقال ..
من حكم الله علينا أن جعل أوقاتا للاستجابة يحددها حسبما يريد، فقد تكون وقتيه في نفس اللحظة وقد تكون لفترة طويلة ، فالاستجابة المتحكم بها الخالق عزوجل والدعاء واجب ومأمورون به ، فالعبد عندما يلجأ إلى الله تعالى بصادق الدعاء فإنه بذلك يوقن بأن الله هو مالك الكون، وهو المسيطر والمتحكم بالأمور، ويزيد من توكله على الله، فيَقْوى إيمانه بالله سبحانه وتعالى، ويرق قلبه ويخشع بالدعاء ويشعر بتدفق الأمل والتفاؤل.
فهل لنا أن نشكك في وجوب الدعاء وأهميته ونقول أن لا فائدة منه ؟ طبعا لا .. فهناك أدلة وبراهين عديدة على وجوب الدعاء وأهميته ، يقول تعالى : ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، فالدعاء مأمور به بهذه الآية كما هو موعود عليه بالإجابة، وهذا يشمل دعاء السؤال، ودعاء الثناء على الله تعالى، ويشمل الدعاء في الصلاة وخارجها، ومن خلال نص الآية الكريمة السابقة أيضاً (… قريب أجيب دعوة الداع…) يتضح لنا تماماً أن الدعاء مأمورون به لا ينبغي التشكيك في وجوبه وأهميته حتى ولو من باب المناقشة او المجادلة فيه.
فحتما إذا كثرت المناقشات فيه فالطريق سيبقى مفتوحاً للإدلاء فيه بالرأي ، وفي هذا الحال وجب ترك الأمر لعلماء المسلمين فهم بكل تأكيد أدرى مننا بأمور الدين ، كما أن أقوالهم ستوقف الجدال بين أناس ليسوا متخصصين ولا متبحرين في علوم الدين.
ولنتذكر قوله سبحانه وتعالى في عدم جدوى كثرة الجدال خاصة في أمور الدين ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾ [الحج: 8.
وأخيرا أختم مقالتي هذه بقوله تعالى : ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة.