أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

لِـيـَهْـدَأ قـلـبُـك..

ياسمـين عـبدالمحسـن إبراهـيم

صانعة محتوى ، ومدربة في مجال اكتشاف وتنمية الذات

 

لِـيـَهْـدَأ قـلـبُـك..

 

في أوقات كثيرة تكتشف أنك مدين لنفسك أكثر من أي شئ آخر، مدين لعثراتك وانكساراتك، مدين للسهو البرئ، والخطأ العابر الذي أضاء لك الدرب، مدين لليالي الطويلة الشاحبة المليئة بالوحدة والبكاء، مدين للثقة المفرطة التي كشفت لك حقائق صادمة حولك.

لا بأس في التعثر؛ فهذه طبيعة كل أمر؛ الأهم هو النهوض بروح جديدة، وإعادة ضبط الاتجاه مرة آخرى، وتهيئة الخطوات القادمة على ضوء التجارب والمعطيات، فكل تجربة تهديني درساً وخبرة.

ليتنا نفهم أن العلاقات جميعها خُلِقَت من أجل أن تمنحنا الراحة، وتشيعنا بالرحمة، لم نخلق لإثبات حسن النوايا، أو لنسعى لننتصر على بعضنا البعض في أوقات الخلاف.

“إن عَزَّ أخوك فهُن” ..
لم نخلق لنستنزف أيامنا في علاقات صعبة ومع أشخاص يَمُنّون عليك بفضلهم طوال الوقت، ولم نخلق لننفق أعمارنا مقيَّدين في زوايا الهدم والترك.

في فترة ما من حياتك، ستجبر قلبك على التخلي عن كل الأشياء التي تؤذيه رغم تعلقه بها، ستنسحب من العلاقات المرهقة، ولن تكترث لما يقال عنك أو تحاول تجميل صورتك، وتبرير أفعالك، تلك الفترة التي تدرك فيها أن راحتك النفسية وهدوءك أهم من الصراعات الاجتماعية التي لا تنتهي.

قيمة الإنسان الوحيدة تكمن في إنسانيته، وأدبه، ورحمته مع الآخرين، لا يوجد أي شي آخر يجعل للإنسان قيمة حقيقية، لا منصب، لا علم، لا مال، ولا عائلة، ولا منصب كل هذه الأشياء تضفي قيمة زائفة.

الأهم من كل ذلك أن الله يعرف تعبك، يعرف عن الكلمات القاسية التي حطمت قلبك ولم تخبر بها أحد، يعرف عن حزنك حين تخلّى عنك أشخاص تمنيت استمرارهم في حياتك، يعرف عن تنهُّداتك، خذلانك من أشخاص ظننت أنهم سند لك.

الله يعرف عن أحلامك التي تحطمت فجأة بلا سبب، يعرف عن الطرق التي استهلكت طاقتك وتفكيرك ولم تحصد منها إلا النهايات الحزينة.

الله يعرف عن محاولاتك المستمرة لتكون لطيفاً مع الناس بينما أنت لا تريد مغادرة غرفتك، يعرف عن ثباتك وقوتك أمامهم وقلبك ينهار ويتحطم في الخفاء.

الله يعرف كم المواقف التي هزمتك، يعرف عن مجهودك الذي تبذله لتتظاهر بأنك على ما يرام.

الله يعرف نيتك وصدق أفعالك حتى لو خانتك الكلمات.

الله يعرف عن أثقالك في الحياة، يعرف عن حزنك وتعبك ومأساتك، يعرف عنك كل شئ.

“ويراك الله ترضى وتصبر، فيراضيك بما تتمنى”.

الله يعوض، يعوض لدرجة تجعلك تخشى أن تكون مقصراً في حقه، في حمده وشكره، يعوض لدرجة تجعلك تفكر كيف حزنت من قبل على ما خسرته، وعلى ما لم تحصل عليه، ستكتشف أن كل الأبواب التي قفلت في وجهك؛ قفلت لتُفتح لك أبواب أفضل بكثير، ستكتشف أن كل شئ حرمت منه رُحِمْتَ من شره الذي كنت تجهله، وأن كل ما لم تحصل عليه عوًضك الله بأفضل منه، إن عوض الله إذا حل أنساك ما فقدت.

وختاماً..
لله الشكر على الألطاف التي تشملنا دون إدراك منّا، ولا انتباه على الرحمات التي تُسَيَّر لنا من كل صوب.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى