أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

الدبلوماسية .. بين القيادة الرشيقة والإدارة الكلاسيكية (1)..

الدكتـور/ سـعـدون بن حسـين الحمـداني

دبلوماسي سابق ، الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

 

الدبلوماسية .. بين القيادة الرشيقة والإدارة الكلاسيكية (1)..

 

اختلف علم ومبادئ الدبلوماسية وتطبيقاتها كثيراً من بعد الحرب العالمية الثانية الى وقتنا الحاضر، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الاشتراكي والرأسمالي ، حيث كانت أغلب السفارات تعج بموظفيين من الكادر الدبلوماسي المهني، وكان هاجس السفارات في القرن السابق هو هاجس أمني أكثر مما هو مهني وخدمي واقتصادي وقنصلي؛ لذلك كانت السفارات تعتمد على الإدارة الكلاسيكية كثيراً، حتى أروقة الأمم المتحدة بفرعيها (نيويورك ، جنيف) كانت تعتمد كلياً على الإدارة الكلاسيكية؛ من حيث عدد الموظفين والمخاطبات الورقية الرسمية، بل نلاحظ بعض الدول كانت دائرة المراسم أو التشريفات في وزارة الخارجية لها أقسام وشعب كثيرة منها (قسم الفنادق والمطاعم، تذاكر الطائرات، الجولات الحرة، المرافقين، الاجتماعات، النقليات، الدعوات والمقابلات الرسمية، الضيافة، الإعلام والصحافة، وغيرها)، وكلها تدخل ضمن الإدارة الكلاسيكية عكس ما نراه اليوم، والتحول الى القيادة الرشيقة؛ فبدلاً من جيش من الدبلوماسيين والموظفين الإداريين لتنفيذ نشاط أو فعالية واحدة اختُزلت الى موظفين بعدد الأصابع معتمدة على الطفرة التكنولوجية الهائلة التي تتسابق مع عقرب الساعة، وبالإمكان إنجاز المهام بالهاتف الشخصي لنتحول بذلك من الرتابة والعمل الروتيني القاتل الى عمل منجز بدقة وتفاني بسبب مهنية وحرفية القيادة التي دخلت ضمن بودتقة التكنولوجيا.

نتطرق في مقال اليوم عن الإدارة الكلاسيكية باختصار على أن نتبعه بالقيادة الرشيقة لاحقاً إن شاء الله.

تُعرَّف الإدارة الكلاسيكية بأنها : هي وظيفة لتنفيذ الأعمال عن طريق الآخرين باستخدام التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وذلك من أجل تحقيق الأهداف بكفاءة وفاعلية، مع مراعاة المؤثرات الداخلية والخارجية.

وأهم نظريات الإدارة الكلاسيكية هي :

1. نظرية الإدارة العلمية : ومرجعها لعالِم الإدارة فريدريك تايلور هو المعروف باسم مؤسس الإدارة العلمية؛ تؤكد على زيادة الإنتاجية التنظيمية من خلال زيادة كفاءة عملية الإنتاج، والتركيز على البحوث التجريبية ولا سيما في الولايات المتحدة ؛ وتنص الإدارة العلمية على أنه ينبغي تصميم خطة العمل بحيث يكون لكل عامل مهمة خاصة ذات هدف تكتيكي له خاضعة لرقابة جيدة ومحددة ضمن وقت محدد لبيان الانتاجية بعيدة عن الروتين المتكرر.

2. النظرية البيروقراطية : تُعَرَّف البيروقراطية أولاً بأنها مفهوم يستخدم في علم الاجتماع والإدارة والعلوم السياسية يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المستقلة وتعتمد هذه الجهات على الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية.

كان عالم الاجتماع الألماني ماكس ويبر أول من درس البيروقراطية رسميا في عام 1922؛ حيث وصف العديد من الأشكال النموذجية للإدارة العامة والحكومة والأعمال والتي تركز على القواعد والإجراءات والتسلسل الهرمي الذي يتحكم بمركزية القرار دون التدخل من مراكز أخرى.

3. نظرية المبادئ الإدارية – نظرية التقسيم الإداري : هنري فايول أحد الصناعيين الفرنسيين، وواحد من أكثر مفكري الإدارة نفوذاً الذين وضعوا واحدة من أهم نظريات الإدارة الكلاسيكية المعروفة باسم “المبادئ الإدارية”.

كانت نظرية الإدارة العلمية مهتمة بزيادة إنتاجية المصنع؛ بينما كانت نظرية فايول تنمي من الحاجة إلى إيجاد مبادئ توجيهية لإدارة الجهات والإدارات المعقدة مثل المصانع وجهود مبكرة لتحديد المهارات والمبادئ التي تكمن وراء الإدارة الفعالة.

يعتقد فايول أن الإدارة السليمة لها نمط معين والتي إذا تم تحديدها يمكن تحليلها، لذلك ركز على إدارة العمليات الاقتصادية، وكان هناك اعتقاد عام له؛ أن المديرين يولدون ولا يُصنَعون، وأصر على أن الإدارة هي مهارة مثل المهارات الأخرى التي يمكن تدريسها وتعَلُّمَها بمجرد فهم المبادئ التي تقوم عليها، ويعتبر الوقت، والهدف، والعنصر البشري الكفء اعمدة رئيسية لنظريته.

يعتبر هنري فايول الفرنسي هو أول عالم في الإدارة اهتم بوظائف التقسيم الإداري في المستويات (من الأدنى إلى الأعلى)؛ معتمداً على المبادئ التالية ومنها :

1. التخطيط
2. التنظيم
3. الأوامر
4. التوجيه
5. الرقابة

وقد اعتمدت المبادئ الإدارية الأربعة عشر لهنري فايول في كثير من المدارس التقليدية أو الكلاسيكية الإنجليزية والفرنسية، وبدات تدرس في الجامعات والكليات المتخصصة في أغلب أرجاء المعمورة، بل وأكثر من ذلك؛ حيث خصصت للدراسات العليا، وأصبحت الأسس الرصينة للإدارة العملية لتحقيق الأهداف المخطط لها، والتي ساهمت بشكل كبير لتطوير وصقل تفكير المدير والشخص المسؤؤل في الإدارة وهي :

1. تقسيم العمل
2. توزيع الصلاحيات بالتناسب مع المسؤوليات
3. الانضباط
4.وحدة الأوامر
5. وحدة التوجيه
6. إذعان المصلحة الخاصة للمصلحة الجماعية
7. المكافأة
8. المركزية
9. التدرج الهرمي للسلطة
10. النظام
11. العدالة
12. استقرار الأفراد العاملين
13.المبادرة
14. روح التعاون

* المرجع : المدارس الإدارية الكلاسيكية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى