أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

حقـوق الإنسان ومظاهـر التَّـعـرُّض للخصـوصـية..

عـبـدالعـزيـز بـدر القـطان

مسـتـشار قانـوني – الكويت

 

حقـوق الإنسان ومظاهـر التَّـعـرُّض للخصـوصـية..

 

من الأمور التي تقع في مجال حقوق الإنسان الخاصة في حياته ضمن ظروف العيش العصرية، من تسجيل مكالمات هاتفية واستخدام الأدوات الالكترونية في استراق السمع لأسرار الحديث الخاصة.

وتدخل في هذا المجال أيضاً مشكلة المستمعين المرغمين والتي عرضت على القضاء الأمريكي في قضية تعرف باسم قضية “هيئة المرافق العامة ضد بولاك”، التي قررت المحكمة العليا فيها أن في إمكان سيارات النقل المشترك أن تفتح أجهزة الراديو فيها على برامج معينة يستمع إليها راكب السيارة بالرغم عنه مهما بلغ ضيقه بهذه البرامج وهذا انتهاك لحقوق الإنسان إذ ليس أمامه سوى الجلوس في السيارة والاستماع أو الذهاب إلى مقر عمله سيراً على الأقدام، كذلك حرية السفر، حيث أظهرت المحكمة العليا أنها لا تتسامح في العقبات التي تضعها الولايات في وجه السفر داخل البلاد.

وإذا كان المثل الأعلى للأنظمة الشمولية هو المجتمع الشفاف المرموز إليه ببيانات الزجاج التي أوردها الروائي “زامياتين” في رواية (عن الآخرين)، وبذلك التصريح الصادر عن أحد النازيين القائل : (إن الشخص الوحيد الذي لا يزال فرداً خاصاً في ألمانيا، هو الشخص الذي ينام)، وبالتالي فإن إلغاء خصوصية الفرد والتعدي على حق من حقوق الإنسان هو في الواقع إنكار لأهمية الفرد، وإن الاعتراف بالحق في الحياة الخاصة إنما هو مطلب أساسي للحرية الفردية، ويتناسب مع رغبة في الحياة الخاصة، ومع ذلك فإن مصادر هذه الرغبة متنوعة، قد تكون الخوف من الغير، وقد تكون الانطواء والرغبة بعزلة مفضلة لتنامي شخصية الإنسان، ويواجه القانون الحياة الخاصة كانطواء، ويقيم أسراراً ويحافظ على منطقة ظل بحماية الخصوصية بَدءاً من المسكن ضد الاعتداء المادي والاتصالات مع الآخرين ضد التطفل.

وبالتالي فإن حماية حقوق الإنسان وحياته الخاصة قد غدت ترفاً يرغب كل واحد بحمايته من غزو الحياة الحديثة، وما دام الفصل أصبح سهلاً بين المحيط الشخصي والعائلي من جهة، وبين النشاطات المهنية أو العامة من جهة أخرى، فإن المشكلة نادراً ما تطرح نفسها، فالمواطنون مع كونهم معروفين أو مشهورين يبقون بمنأى عن هذا التطفل، إذا لم توجد وسائل استقصاء قوية بما فيه الكفاية، لكن التطور الحالي في مجالات الصحافة ووسائل الاتصالات والتصوير وبصورة عامة في كل مجالات التكنولوجيا، جعل إمكانية انتهاك الحريات وإقامة وسائل التطفل على خصوصية الناس أمراً بالغ الخطورة.

أخيراً .. إن الإجراءات التشريعية الجديدة كانت ملازمة لظهور الواقع الجديد من التطور التكنولوجي، كان لا بد منها لمعالجة ما أمكن من آثار هذا التطور ومداه الخطير على حقوق الإنسان وحياته الخاصة ضمن سياق التشريع والفقه والاجتهاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى