أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

شهادة الشهود وتنظيم المُشَرِّع العُماني لها..

صـلاح الـرشـيـدي

 

شهادة الشهود وتنظيم المُشَرِّع العُماني لها..

 

تعد شهادة الشهود من وسائل الإثبات التي أقرتها الشريعة الإسلامية، وأكدت عليها القوانين الوضعية، ومع اختلاف المصطلحات في تعريف الشاهد إلا أنها جميعها اجتمعت حول أن العالم بالشيء والذي يبين ما يعلمه ويشهد على واقعة معينه عرفها معرفة شخصية؛ إما لكونه رآها بعينه، أو سمعها بأذنه، أما بحسب التعريف القانوني للشاهد (هو كل شخص تم تكليفه بالحضور أمام المحكمة أو سلطة التحقيق لكي يُدلي بما لديه من معلومات في شأن واقعة ذات أهمية في دعوى معينة).

حرص المشرع العماني على الشهادة لما لها من أهمية، ونص عليها في النصوص القانونية، ونظَّم عملية تقديم تلك الشهادة، وذلك بأن أعد لها فصلاً خاصاً في قانون الجزاء العماني؛ حيث جاء الفصل الثالث من قانون الجزاء العماني رقم 7 / 2018م منظماً لما يتعلق بالشهادة وعملية الحضور وطريقة أدائها، وكذلك بيَّن الآثار المترتبة على الامتناع عن أدائها؛ حيث جاء في نص المادة (240) من قانون الجزاء العماني : (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد عن ستة أشهر كل من كُلِّف بأداء الشهادة أمام جهة قضائية أو سلطة تحقيق وامتنع عن الحضور أو حلف اليمين أو أداء الشهادة؛ ما لم يكن امتناعه لعذر مقبول)؛ إلا أن المُشَرِّع أعفى الشاهد الممتنع عن الشهادة من العقوبة في حالتين وردتا في نص المادة آنفة الذكر وهما؛ في حالة كان ذلك الامتناع عن تقديم الشهادة لعذر مقبول؛ أي بسبب وجود قوة أحالت بين الشاهد وبين الحضور لأداء الشهادة، وكذلك في حالة عدول الشاهد عن الامتناع لأداء الشهادة قبل صدور الحكم في موضوع الدعوى، وكذلك حرص المشرع على الشهادة وأعد لها تنظيماً في النصوص القانونية المعنية بالإثبات في المعاملات المدنية والتجارية.

يعد الشهود في بعض الأحيان هم عيون العدالة؛ ذلك لأهمية الشهادة لإثبات بعض الوقائع القانونية، ولما لشهادتهم الأثر الكبير في الوصول للحقائق، وتسهم في تطبيق العدالة؛ حيث يشهد الشاهد على وقائع مباشرة عرفها معرفة شخصية إما أن يكون رأها بعينه أو سمعها بأذنه؛ إذاً فالأصل بأن تكون الوقائع التي يشهد عليها الشاهد وقائع مباشرة وقعت فعلياً بحضوره؛ إلا أنه يوجد هناك شهادة تعد من الدرجة الثانية وهي الشهادة السماعية وتسمى (غير المباشرة) والتي يكون فيها الشاهد بأن يقدم شهادة بما سمع من رواية عن غيره على واقعة معينة بذاتها، ومثال على ذلك بأن يسمع الشاهد شخصاً آخر يروي له بأنه شهد على عقد بيع بين طرفين أو شهد على عملية اقتراض شخصية بين طرفين حيث تعد في هذه الحالة تلك الشهادة السماعية هـي (شهادة على شهادة).

إلا أنه يوجد هناك حالات تكون صحة الشهادة فيها محل شك وتتجنب الهيئة القضائية الأخذ بها، ولو كان ذلك الأخذ في سبيل الاستئناس بها في أضيق الحدود، وبحسب تقدير الهيئة القضائية وهي في حالة وجود علاقة صداقة أو عداوة بين الشاهد وأحد الخصوم في الدعوى أو كانت تلك الشهادة تؤدي إلى جلب منفعة للشاهد وكذلك شهادة الأصول والفروع.

كذلك أوجد المُشَرِّع في ذات الفصل عقوبة على كل من يحاول أن يستغل تلك الشهادة لمصلحته أو لمصلحة الغير، ويشهد زوراً أمام إحدى الجهات القضائية أو سلطة التحقيق بعد حلف اليمين، أو أنكر الحقيقة، أو كتم كل أو بعض ما يعلمه عن الواقعة؛ بحيث جاءت المادة (233) من ذات القانون بأن : يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة شهور ولا تزيد عن ثلاث سنوات كل من ارتكب شهادة الزور، وتخفض العقوبة إلى نصف الحد الأدنى إذا أُدِّيَت الشهادة دون حلف اليمين، وكذلك إذا نتج عن شهادة الزور وحدها الحكم بعقوبة ونُفِّذَت وجب ألا تقل عقوبة الشاهد عن ذلك؛ إلا أن المشرع استثنى تلك العقوبة في حالتين جاء بها نص المادة (234) والتي نصت بأن : يُعفى من العقوبة المترتبة على شهادة الزور الشاهد إذا أدى الشهادة الكاذبة في أثناء تحقيق جزائي؛ إذا رجع عنها قبل التصرف في التحقيق وقبل أن يُبلغ عنه، كذلك الشاهد الذي أدّى الشهادة الكاذبة في أثناء المحاكمة إذا رجع عنها قبل الحكم وقبل أن يُبلغ عنه في موضوع الدعوى.

المُشَرِّع العماني لسبيل تنظيم عملية الشهادة أخذ بإلزامية تحليف الشاهد، واعتبر حلف الشاهد قبل أداء الشهادة شرطاً من شروط الشهادة رغم وجود بعض الآراء الفقهية والتنظيمات الأخرى والتي ترى بعدم إلزام الشاهد بحلف اليمين لأداء الشهادة.

هذا ما تيسر بيانه بإيجاز بشأن شهادة الشهود بحسب ما نظمه المُشَرِّع العماني..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى