أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

انتـخابات مجلـس الشـورى..

سعيد بن سالم البادي

 

انتـخابات مجلـس الشـورى..

 

قال تعالى في محكم كتابه المنزل في شأن الشورى وأهميتها في تقدم الأمم والحضارات : {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (الشورى38)، وقال تعالى أيضاً : {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (آل عمران 159)، وقيل : لا خاب من استخار ولا ندم من استشار.

ومن منطلق النصوص السابقة التي تبين وجوب الشورى بين أفراد الأمم وولاة أمورهم ورعاة مصالحهم؛ فقد نهجت حكوماتنا الرشيدة نهج الشرع الشريف في نظام الشورى الذي يقوم على تولي الشعب اختيار أعضائه من بين المترشحين من ذوي الكفاءات الوطنية التي يتوسم الناخب فيها القدرة على المساهمة في تحمل الجزء الذي سيُناط بها من المسؤولية للمضي قدماً في تنمية هذا البلد العزيز وتقدمه في كافة مجالات الحياة التي تكفل العيش الكريم لكافة المقيمين في هذا الوطن الغالي.

وفي قادم الفترة الزمنية المقبلة تترقب عمان هذا الحدث الوطني المهم الذي يتجدد من خلاله موعد جديد لمرحلة جديدة من مراحل البناء والتقدم على جادة مجلس الشورى العماني الذي يأخذ على عاتقه مجموعة من الإختصاصات التي تضمنها قانون مجلس عمان الذي يتكون من مجلسي الدولة والشورى؛ حيث ستنطلق مراحل انتخابات مجلس الشورى العماني ليختار الناخبون الأعضاء الجدد الذين سيمثلون الشعب العماني في هذا المجلس أمام الحكومة.

وفي هذا الشأن لا بد لنا من أن نقف كناخبين مع هذا الحدث المرتقب لأهميته كما قلنا؛ حيث من الضروري وقبل أن نضع علامة الصح أمام المرشح الذي ننوي ترشيحه أن نفكر قليلاً ونستحضر في دواخلنا أن اختيارنا لهذا العضو؛ ما هو إلا أمانة ارتضينا أن نتحملها على أعناقنا أمام الله، ثم حكومتنا، والشعب الذي ينتظر منا الإخلاص والأمانة في الاختيار.

وفي سبيل ذلك يجب أن نعي بعض النقاط المهمة التي يمكن أن تساعدنا في تأدية هذه الأمانة من خلال تحرّي حُسن الإختيار للعضو الذي سيمثلنا في المرحلة القادمة، ومن تلك النقاط التي يجب أن نركز عليها :

أنه حينما ألقت الحكومة بعبء الاختيار على الشعب وخَوَلته ليُدلي بصوته لاختيار أعضاء مجلس الشورى من بين المترشحين ليمثله أمامها أو ليقول كلمته نائباً عنه؛ فذلك يعني أن الحكومة تُخَوِّل الناخب اختار العضو الذي يعتقد أن عمان تستحقه لخدمتها أو تتوافر فيه الاشتراطات والمهارات التي تؤهله أن يساهم من خلالها في المجالات التشريعية والرقابية والثقافية والتنموية الاجتماعية والاقتصادية وكافة مسارات التنمية والخدمات التي تسعى عمان لتحقيقها وليس الذي يراه الناخب مناسباً له هو، استناداً لاعتبار شخصي بينهما كرابطة صلة القرابة أولاعتبارات قبلية، أو اجتماعية، أوالمصالح الشخصية البحتة، وغيرها من الإعتبارات التي لا تخرج عن سياق المشاعر الشخصية أوالعاطفية.

كما يجب أن نستحضر أيضاً وهذا جانب مهم بأن نتيجة هذا الاختيار ما هي إلا إبراز لمستوانا الشخصي نحن كناخبين، والذي يعكس شخصيتنا من حيث النضج الفكري، والوعي المجتمعي بالمتطلبات التي يجب أن تتوافر في الناخب وقدرتنا على حسن الاختيار، واستعدادنا التام لتحمل المسؤولية والأمانة تجاه من وضعوا فينا ثقة الاختيار قبل العضو المنتخب.

لذا يقتضي علينا الحال أن نختار العضو الذي يتمتع بالصفات والمهارات التي تؤهله ليعكس واقع شخصنا على أحسن صورة، وليمثل الشخصية التي حددناها بذاتنا، ويكون نائباً عنا فيما نرغب أن نقوله ونساهم به لأجل تنمية عمان ووخدمة شعبها.

ومن الصفات والمهارات الواجب أن ينصب تركيزنا عليها كناخبين أثناء الاختيار والمفاضلة بين المترشحين؛ أن یكون مرشحنا راجح العقل ومثقفاً مطلعاً على القوانين، وملماً بكافة ما يحتاجه من أدوات قانونية وبرلمانية تعينه على الاضطلاع بمهام المجلس، ومن ذوي الخبرة في ممارسة كثير من الجوانب التي يحتاج لها العضو البرلماني أثناء ممارسته لعضوية المجلس، وأن یكون من أصحاب العلم والدرایة يستطيع أن یعطي رأيه بكل ثقة وجرأة دون خوف من أحد بناء على المعرفة العمیقة والخبرة الكافية بما يقول أثناء طرح الآراء، وتقديم الطلبات التي يحتاجها المجتمع، وليس طرحاً عشوائياً متردداً بعيداً عن الواقع المستهدف من النقاش بين أعضاء المجلس، ويستطيع أن يطرح ما يرغب في طرحه في قالب متقبل من الطرف الآخر دون تجريح أو تلميح لتحجيم الأشخاص أو الجهات المعنية بالنقاش، أو الموضوع المطروح للمناقشة، وله قدرة على تبادل الحديث في جو من الألفة والاحترام المتبادل، كما يجب أن يكون متَّصِِفاً بالأمانة كُفْأً لتحمل المسؤولیة التي يضطلع بها العضو المنتخب، وكذلك أن یكون من أهل الحل والعقد قادراً على اتخاذ القرارات بعيداً عن التحيز أو العاطفة أو تأثير.

وبعبارة أخرى طموحنا أن يكون العضو المنتخب لمجلس الشورى لا يمثل ولايته في ما يختص به مجلس الشورى من اختصاصات يضطلع بها العضو فقط، وإنما يمثل عمان كلها أمام العالم الخارجي، ويعكس صورة الإنسان العماني في أصالته وإرثه الحضاري الضاربة جذوره في أعماق التاريخ، وما وصل إليه من تقدم ثقافي وفكري وحضاري في فكر الشورى وغيره من مجالات الحياة ومواكبته للتقدم الذي يعم سائر الأمم المتحضرة، وأن الإنسان العماني كآبائه وأجداده يستطيع أن يقود بلاده بسواعد أبنائه المُتَّقِدين بالإخلاص والطموح والمثابرة في كافة المجلات التي وصلت إليها الأمم والشعوب المتقدمة.

وفق الله عمان الحبيبة، وسلطانها الملهم، وشعبها الأبي إلى كل خير وسؤدد ونجاح وتقدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى