أصداء وآراء

الأمن الغذائي العربي بين (حقيقة) الزراعة و (خرافة) النفط..

 

الدكتور المهندس/ محمد المعموري

mohmus94@yahoo.com

 

 

الأمن الغذائي العربي بين (حقيقة) الزراعة و (خرافة) النفط..

 

لا يخفى على الجميع ان الامن الغذائي العربي اصبح الان في محنة كبيرة , وذلك لانقسام القرار السياسي العربي ولابتعاد عن فكرة القومية العربية وعدم الانفتاح على الاقطار العربية ومحاولة الاستفادة من الموارد البشرية والموارد الطبيعية الوفيرة والاراضي الخصبة في البلاد العربية خاصة ما تمتلكه من  الخبرة العلمية والعملية ، الا ان هذا كله مبعثر بين بلدانها ولا يجدي نفعا مالم يستغل ويتوحد القرار الاقتصادي العربي.

إنتبهت أوروبا الى ضرورة التكتل الاقتصادي لإيجاد سبل الامن الغذائي في قارتها فعمدت الى تأسيس الاتحاد الاوربي و هو كتلة اقتصادية اكثر منها كتلة سياسية ، وبذلك سعت الى التكامل الاقتصادي بين بلدانها وفتحت الحدود امام الخبرات والامكانيات المتوفرة في تلك البلدان ووحدت العملة ليتمكن جميع بلدانها من التمتع بهذا التكامل الاقتصادي , مما ادى الى ازدهار الاقتصاد وايجاد السبل الكفيلة في الحفاظ على الامن الغذائي الاوربي وقد نجحت في تحقيق أهدافها.

ولم يتمكن الأمن الغذائي العربي من التَّحرُّر من السياسات القطرية كما تحررت منها الاقطار الأوربية في تكتلها الاقتصادي، وأصبح للأمن الغذائي (القُطْري) هو السائد متزامنا مع التوجهات السياسية للأقطار العربية ، وأخفق الأمن الغذائي العربي في استغلالية وجوده بمعزل عن تلك السياسات ؛ فقد ربطت سياسة الدولة وتوجهاتها بالأمن الغذائي لتلك الدولة دون غيرها من الدول العربية ووضعت الخطط الاستثمارية بمعزل عن التكامل العربي ؛ فأخذ الاقتصاد من السياسة ما أخذه من انقسامات مما جعله مقيداً بأطر الدولة دون النظر إلى الأمن الغذائي العربي.

(تقدر المساحة الإجمالية للوطن العربي بحوالي 1402 مليون هكتار (أي ما يعادل حوالي 14 مليون كيلومتر مربع)، وهي تمثل حوالي 10.2% من مساحة العالم، كما لا تتجاوز مساحة الأراضي القابلة للزراعة منها سوى 197 مليون هكتار وهو ما يعادل نسبة 14.1% من المساحة الكلية للوطن العربي. وتشير الإحصائيات إلى أن المساحة الزراعية الكلية في المنطقة العربية وصلت عام 2000 حوالي 70 مليون هكتار فقط, ويعني ذلك أن حوالي ثلثي الرقعة الأرضية القابلة للزراعة في الوطن العربي لا يزالان غير مستغلين، كما يعكس ذلك الطاقات الكامنة العربية للتوسع الأفقي في الأراضي المزروعة عندما تتوافر شروط ومقومات يفتقر إليها حالياً الواقع الزراعي العربي). عبد الله الكحل.

ومن هذا الواقع المؤلم للزراعة في الوطن العربي علينا أن نتخلص أولاً من القُطْرِيَّة في التفكير في المجال الزراعي وننفتح بأفق أوسع نحو الأقطار العربية فمساحة السودان والعراق ومصر قادرة أن تدر على الوطن العربي بمحاصيل زراعية تصل الى الاكتفاء الذاتي العربي كون تلك الدول متوفرة لديها الموارد المائية ، وكذلك الموارد البشرية المتمثلة بالخبرات الكبيرة في مجال الزراعة و تنمية الثروة الحيوانية.

علينا أن نتحرر من (خرافة) النفط ، وأن نبني اقتصادنا العربي (بحقيقة) الزراعة ، فلم يُدِرّ النفط على أغنى البلدان العربية بهذه المادة إلا الحروب والتشريد والفقر ننتجه لأطماع الدول ذات القرار السياسي العالمي بالاستحواذ على مقدرات تلك الدول.

وعليه فإننا نرى أن الأمن الغذائي العربي سيتعافى إذا اتبعنا الخطوات التالية :

  1. تشجيع الاستثمار الزراعي بين الدول العربية وتسهيل إجراءات التسويق بين البلدان العربية.
  1. إلغاء الرسوم (الجمركية) بين الأقطار العربية.
  1. تشجيع الدول ذات المنتوج العالي من البترول على استغلال هذه الثروة وتمكين الفلاح العربي من الحصول على أحدث التقنيات العلمية من التكنولوجيا والطرق الحديثة في الزراعة ، وبمبدأ الشراكة والانتفاع بين الجانبين.
  1. إستغلال القرار السياسي عن الأمن الغذائي ، واستمرارية البحث عن وجود الطرق الميسرة في تجنب أي كارثة عالمية (مثل كارثة كورونا) لتدهور الأمن الغذائي العربي.
  1. تشكيل هيئة عربية من ذوي الاختصاص من جميع الدول العربية تكون واجباتها التفتيش والبحث في ايجاد الحلول المناسبة للمشاكل الإدارية والمالية التي قد تعرقل عمل الفلاح العربي ، وتكون واجبات الهيئة هو التنسيق في التطوير والعمل على إيجاد الوسيلة التي تؤهل الفلاح العربي على ممارسة عمله بكل شفافية وبضمان التسويق.
  1. تجنّب الأسمدة الكيمياوية في الزراعة ، والعمل على تكثيف الجهود في الزراعة الخالية من تلك الأسمدة والتي تسبب الأمراض وتفتك بالأراضي الزراعية.
  1. العمل على معالجة مشكلة التصحر التي بدأت تنمو في الأقطار العربية نتيجة لشُحّ الامطار ونفاذ المياه الجوفية.

كلنا ثقة في اننا نتحدث إلى آذان صاغية وقلوب واعية ، وسنجد من يساندنا في خوفنا على أجيالنا الآتية فمستقبل أجيالنا اليوم بأيدينا ، وغداً سيكون واقع لسنا قادرين على إصلاحه أو ترميم ركائزه.

وللمقال بقية .. إن شاء الله..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى