أصداء وآراء

مكاتـب المـحـامـاة الناشـئـة تـسـتـغـيـث !!..

الإعـلامي/ د . خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

 

مكاتـب المـحـامـاة الناشـئـة تـسـتـغـيـث !!..

 

عمل المحامون في المحاكم يعد من الأعمال الشاقة والمرهقة، فهم الفئة الأقرب للقضايا الحساسة التي تهم فئة مهمة من فئات المجتمع، ومهنة المحاماة تحتاج إلى عمل مستمر وقراءة دائمة ومتابعة حثيثة لكل القوانين والثغرات القانونية التي يمكن إستغلالها لنصرة الحق والعدل والإنصاف، والسلطنة تدرجت كعادتها في الأعمال المؤسّسية، حيث كان الترافع في المحاكم يمكن من خلال العماني والأجنبي ثم تم تمييز المحاكم الإبتدائية بتعمين مهنة المحاماة، وقبل أسبوعين تم اقتصار الترافع في محكمة الإستئناف والمحكمة العليا على العمانيين، وهي من الخطوات المتميزة ليصبح العماني له الحق في الترافع في كل مراحل التقاضي. 

وإذا كانت هذه الخطوة من الخطوات المتميزة وتدل دلالة واضحة على المكانة العالية التي وصل إليها المحامي العماني، فإن هذه الخطوة تحتاج أيضا إلى خطوات أخرى تعزز وتساهم في الدفع بمكاتب المحاماة خاصة الصغيرة منها والمبتدئة، للوصول إلى عالم  التميز والإبداع والتأهل للدخول في عالم الترافع في المحاكم العليا والإستئناف والذي هو الآن صعب بل مستحيل. 

وتكمن هذه الصعوبة في الشروط التي تم وضعها سابقا من ضرورة أن يكمل المحامي سبع سنوات في العمل كمحامي للترافع أمام محاكم الاستئناف وإكمال أربع عشرة سنة للترافع أمام المحكمة العليا، وهو ما يحرم الشاب العماني الذي يملك الثقافة والعلم والتعمق في القانون من الاستفادة في الدخول للترافع في هذه المحاكم واقتصار الترافع لفئة معينة فقط، وهو ما يعني أن هذه الفئة سوف تستغل وضعها وكأنها عملة نادرة بينما الشاب الذي أكمل أقل من سبع سنوات وأربعة عشر عاماً، عليه فقط أن يكون محامياً صغيراً، والمكاتب الخاصة بالمحاماة التي لا تملك موظفين من فئة (7) وفئة (14) ربما تقفل أبوابها لأنها لا تستطيع توظيف أصحاب هذه الفئات لندرتهم أصلا ولأن أغلبهم أصحاب مكاتب، ومن ليس لديه مكتب يطلب راتب عالياً، وكثير من المتقاضين يريد مكتباً واحداً يستمر معه من الإبتدائي إلى الإستئناف وإلى العليا إذا تطلب الأمر، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في المكاتب التي لا تملك موظفين من الفئة التي تحمل رقم (7) إلى (14). 

إن أصحاب مكاتب المحاماة المبتدئين يستغيثون وينادون الجهات المختصة للنظر في موضوعهم، فهذه المكاتب يشار إليها ضمن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشجعهم الحكومة، وتحرص على استمرارهم، وإذا لم تلتفت لهم الجهات المختصة قد يفقدون وجودهم وقد يغلقون مكاتبهم، لذا تغيير القانون واعتماد معايير أخرى لا علاقة لها بالسنوات أصبح مهماً وضرورياً لاستمرارهم، وعلى الجهات المختصة أن تعتمد معايير أخرى كمعايير الإجادة والإبداع والفكر والتميز والإختبارات والمقابلات إن تطلب الأمر، فموضوع السنوات مجحف وغير عادل، فالإنسان منذ عرفناه بأصغريه قلبه ولسانه، فقد نجد محامياً له في العمل عشرات السنين وغير مجيد لعمل المحاماة والترافع وغيرها من أعمال المحاماة، بينما نجد في المقابل محامياً له ثلاث سنوات وعنده المَلَكَة التي يستطيع من خلالها إنصاف الحق والعدل وإيجاد الحجة القانونية التي تحمي موكله، وقديماً قال الإمام الشافعي : 

تعلم فليس المرءُ يولد عالماً   ..    وليس أخو علمٍ كمن هو جاهلُ

وإن كبير القوم لا علم عنده    ..    صغير إذا التفّت عليه الجحافلُ

وإن صغير القوم إن كان عالماً  ..    كبيراً إذا رُدّت إليه المحافلُ 

فلا كبير ولا صغير في العلم، وإن كان ولابد فليتم تحديد ثلاث سنوات كحد أقصى، مع وضع اعتبارات أخرى تؤكد مقدرة المحامي في الترافع في المحكمة العليا والإستئناف، وبهذا نحقق العدالة ونحمى مكاتب المحاماة الصغيرة من الإغلاق، والكل رابح بحول الله، ودمتم ودامت عمان بخير..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى