أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

المحاماة ومعاونة القضاء في تحقيق العدالة .. الجـزء (8)..

الدكتور/ سعيد بن عبدالله المعشري

محام ومسـتـشار قانـونـي

 

المحاماة ومعاونة القضاء في تحقيق العدالة .. الجـزء (8)..

 

إن قانون المحاماة الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (108 / 96) أوجد نظاماً نوعيا متطوراً للمحاماة في السلطنة، بما يضمن تحقيق الغاية التشريعية من المهنة أن تكون معاونة للقضاء في تحقيق العدالة، وبما يتفق وتطورها على المستوى الإقليمي والعالمي، محددا بموجب المادة (٣) منه أعمال المهنة، وهي الحضور مع أو عن ذوي الشأن أمام الهيئات القضائية وهيئات التحكيم والادعاء العام واللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي وجهات التحقيق الرسمية الأخرى والدفاع عنهم في الدعاوى التي ترفع منهم أو عليهم، وإبداء الرأي والمشورة القانونية لمن يطلبها بما ذلك صياغة العقود.

وأتت المادة (8) مبينة جداول القيد في المحاماة، هي أولا: جدول للمحامين تحت التمرين، ثانيا: جدول للمحامين أمام المحاكم الابتدائية وما في مستواها، ثالثا: جدول للمحامين أمام محاكم الاستئناف وما في مستواها، رابعا: جدول للمحامين أمام المحكمة العليا. خامسا: جدول للمحامين غير المشتغلين، ووفقا للمادة (9) يتم تشكيل لجنة بقرار من وزير العدل والشؤون القانونية تتولى النظر في طلبات القيد في الجداول المذكورة، برئاسة وكيل وزارة العدل والشؤون القانونية وأقدم قضاة المحكمة العليا نائبا للرئيس وعضوية نائب رئيس محكمة القضاء الإداري ونائب المدعي العام، وثلاثة أعضاء من المحامين العمانيين المتفرغين الممارسين للمهنة، يصدر بتحديد أسمائهم قرار من وزير العدل والشؤون القانونية لمدة سنتين قابلة للتجديد، ويكون مدير دائرة شؤون المحامين مقررا لها.

ووفقاً للمادة (12) يشترط فيمن يقيد اسمه في الجدول العام للمحامين أن يكون: أ-متمتعا بالجنسية العمانية. ب-بالغا من العمر إحدى وعشرين سنة على الأقل متمتعا بالأهلية الكاملة. ج-حاصلا على شهادة في الشريعة أو القانون من إحدى الجامعات أو المعاهد العليا المعترف بها. د-محمود السيرة حسن السمعة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام في جناية أو جنحة مخلة بالذمة أو الشرف أو عزل من وظيفته أو مهنته لتلك الأسباب ما لم يكن قد رد إليه اعتباره. ويشطب بقرار من لجنة قبول المحامين كل محام فقد شرطا من شروط القيد.

ولضمان استقلالية المهنة وعدم تعارض مصالح من يمارسونها مع وجباتهم التي تفرض عليهم اخلاقياً عند توليهم الدفاع عن موكليهم، وضمان عدم التأثير على ما يقومون به من أعمال لصالح موكليهم، لتكون أعمالهم مجردة من مصالحهم الخاصة والشخصية، ولذلك وبموجب المادة (6) حظر القانون على المحامي الجمع بين المهنة وتوليه منصب وزير وما في حكمه، وشغله الوظائف العامة في الحكومة أو إحدى الهيئات أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة، والاشتغال بالتجارة، أو العمل في الشركات أو البنوك أو الجمعيات أو لدى الأفراد.

وكذلك أن القانون لم يتضمن شرط التقييم والتأهيل للقيد في الجدول العام للمحاماة، وهو من أهم الشروط التي أوجدت في أغلب القوانين المقارنة، وهو بإخضاع المحامي للتقييم وللتأهيل قبل قبول قيده في الجدول العام أو القيد في الجداول الأعلى، وهذا من أجل ضمان الأداء الأمثل للمحامي في مهنته، ويكون في الغالب التمرين للمبتدئين في المهنة تتخلله دورة تدريبية تجمع بين الدراسة الاكاديمية في أحد المعاهد المعترف بها إلى جانب التدريب العملي في أحد مكاتب أو شركات المحاماة.

ومثال على ذلك ما هو متبع في العديد من الدول المتقدمة ومنها فرنسا التي يتم بها إخضاع المحامي المبتدئ للتدريب الأولي الإجباري لمدة (18) شهرًا يجمع فيه بين الدراسة الاكاديمية والتدريب العملي والتقييم لينال بعدها شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة(CAPA) من المركز الإقليمي للتدريب المهني للمحامين (CRFPA)، كذلك هو الحال بالنسبة للمحامين في المملكة المتحدة وعلى الرغم من اختلاف الأنظمة في المملكة بين الدول التي تنضوي تحت عرشها؛ إنجلترا وويلز واسكتلندا وايرلندا الشمالية إلا أنها جميعها تلزم المحامين الخضوع للتدريب الأكاديمي والعملي ومن ثم اجتياز امتحان كفاءة المحامين للترخيص لهم بمزاولة المهنة.

وكذلك من الأهمية أن تفرض أسس أخلاقية للمهنة بحكم أن المحامي يؤتمن على اسرار موكليه مما ينال ثقتهم التي يجب عليه أن يحافظ عليها دون زعزعة، ومن الأهمية لذلك أن يصاغ ميثاق شرف للمهنة يحدد تقاليد وآداب ممارستها على أن يتعهد كل محام الالتزام به شرفا لمهنته، ولتكون موجه له للحفاظ على ثقة المجتمع به ليكون ملتجئا لكل فرد منه وسنداً له في قضاياه الخاصة والعامة، ومن الأهمية أن تتبنى جمعية المحامين بلورة فكرة هذا الميثاق وصياغته، التي نأمل من الأهمية أن تتحول هذه الجمعية يوما ما إلى نقابة ليترسخ من خلالها مبدأ الاستقلال التام للمهنة بحسب ما حدده لها النظام الأساسي للدولة.

ومن الأهمية توسيع دور المحامي في أعماله، لتكون مشمولة بتوثيق العقود والصكوك وغيرها ويمكن ربط صلاحيته في التوثيق والتوكيل بأن يكون بسقف معين من قيمة المعاملة، وهذا يأتي من باب تخفيف العبء على الجهات المختصة ولتسهيل الإجراءات وتبسيطها في هذا الشأن، وهو يأتي أيضا من باب دعم وتطوير عمل المحامي باعتبار مهنته تمثل قيمة اقتصادية للوطن في زيادة فرص العمل للباحثين عن عمل، ونختم مقالنا هذا بما قيل عن هذه المهنة العظيمة، أنها عريقة كالقضاء، مجيدة كالفضيلة، ضرورية كالعدالة، المحامي يكرس عمله للقضية دون أن يكون عبداً لها، ومهنة المحاماة تجعل المرء نبيلاً، غنياً بلا مال، رفيعاً من غير حاجة إلى لقب، سعيداً بغير ثروة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى