أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

الشـخـصـيـة السـيـكـوبـاتـيـة..

خـالـد عـمـر حـشـوان

 

الشـخـصـيـة السـيـكـوبـاتـيـة..

 

الشخصية السيكوباتية هي شخصية مضطربة مُعادية للمجتمع يَعيشها الشخص المصاب “السيكوباتي” بمرض عقلي يُسَمَّى الاعتلال النفسي عند الأطباء النفسيين، ويُظْهِر أنماطاً من التلاعب بحقوق الآخرين ومشاعرهم بما يتعارض مع قواعد وسلوكيات المجتمع؛ كالاختلال والميول لتدمير ومعاداة الآخرين، أو غشهم، أو معاملتهم بفظاظة، أو لا مبالاة شديدة دون إحساس بالذنب؛ لأنه غير قادر على التحكم بانفعالاته ورغباته، وعادة ما يصاب البعض في سن الثامنة عشرة من العمر بهذا المرض رغم ظهور بعض علامات الاضطراب السلوكي لديهم منذ الطفولة؛ كالقسوة تجاه الحيوانات، والاندفاع، وانفجارات الغضب، والاستئساد على قرنائه من الأطفال.

وهناك نوعان للشخصية السيكوباتية وهما :

1- الشخصية السيكوباتية العدوانية : وهي العنيفة والمؤذية والفَظَّة والتي تستخدم القوة والتسلط في التعامل مع الغير.

2- الشخصية السيكوباتية المبدعة : هذه الشخصية تعتبر ذكية جداً ومؤثرة في المجتمع وجذابة بخبث مُغَلَّفْ بالتقوى.

أسباب الإصابة بمرض الاعتلال النفسي :

على الرغم من عدم معرفة الأسباب الدقيقة إلا أن هناك مزيج من عوامل معينة تزيد من المرض أو تُحَفِّزَه مثل :

* الجينات الوراثية : أحد مسببات هذا المرض هو التاريخ العائلي في الإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.

* نوع الجنس : يعتبر الذكور أكثر عرضه للإصابة بمرض الاعتلال النفسي “الشخصية السيكوباتية” عن الإناث.

* التعرض للإيذاء : ومنها الإهمال والإساءة في معاملة الأطفال، والتضارب في طريقة تربيتهم، والإيذاء اللفظي أو البدني.

* الحياة غير المستقرة : كالحياة المليئة بالمشاكل والفوضى، والتفكك الأسري أو فقدان أحد الأبوين أو كلاهما أو الانفصال؛ خاصة في مرحلة الطفولة التي تسبب اضطراب السلوك في هذه المرحلة.

* الإدمان عامة : سواء كان إدماناً للمخدرات أو الكحوليات للأبوين أو أحدهما أو أحد أفراد الأسرة أو المقربين جداً.

أعراض الشخصية السيكوباتية :

تُعرف هذه الشخصية بعدة صفات منها الأنانية المفرطة، والعدائية الشديدة، وقلة العاطفة تجاه الآخرين، وعدم الندم على الإضرار بهم، أو عدم التمييز بين الصواب والخطأ، والإصرار على الكذب عليهم وخداعهم وغشهم لتحقيق مكاسب إما شخصية، أو جلب سعادة وهمية، ومن صفاتها أيضا تكرار انتهاك القانون، وحقوق الآخرين، والإساءة للأطفال وتجاهلهم، واتباع سلوكيات خطرة، وسوء المعاملة، وعدم الشعور بالمسؤولية في العمل، وعدم الاستفادة من العواقب السلبية للسلوك، مع انعدام الرؤية وعدم التخطيط الجيد.

علاج اضطراب الشخصية السيكوباتية :

من المعروف عدم قدرة الأطباء على تشخيص الاعتلال النفسي قبل بلوغ المريض 18 عاماً، ومما يُصَعِّب علاج هذا المرض؛ هو عدم رغبة الأشخاص المصابين بهذا المرض في العلاج؛ لاعتقادهم بعدم الحاجة إليه، ولكن يمكن العلاج بفضل الله ثم بالعلاج النفسي عن طريق الجلسات الطبية، أو أدوية علاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، أو مضادات الذهان أو الاكتئاب أو مثبطات المزاج، ويأتي دعم العائلة كأحد العوامل المساعدة في العلاج النفسي، والتخلص من آثار الإساءات التي تَعَرَّضَ لها المرضى؛ مع وضع حواجز وحدود لحماية أنفسهم من أي تصرف عدواني قد يقوم به تجاههم.

الاستراتيجية المثالية لمحاولة الحد من الشخصية السيكوباتية :

نظراً لعدم وجود وقاية أكيدة من هذا المرض؛ إلا أن هناك استراتيجية مثالية للحد منه؛ مثل معرفة الفئة المُعَرَّضَة لخطر الإصابة بها من الطفولة؛ كالأطفال كالذين يعيشون حياة من التجاهل والإساءة، والتدخل السريع للعلاج المبكر، والالتزام به لعدم تفاقم المرض، واكتشاف الأعراض المبكرة للمرض من الطفولة؛ كالعدوانية مع أفراد العائلة والآخرين والحيوانات، والاستئساد وحب السلطة، والسرقة، والتخريب، واستخدام الأسلحة، والانتهاك الجنسي، والكذب المستمر، وإثارة المشاكل، أو الانضمام لتشكيل عصابي، أو الهروب من  المنزل.

كيف نتعامل مع الشخصية السيكوباتية عند المصادفة ؟..

يتم ذلك بإتباع الخطوات التالية :

* الهدوء والتحكم بالنفس عند التعرض لجدال مع سيكوباتي والسيطرة على المشاعر لعدم منحه فرصة للتلاعب بها.

* إظهار القوة وإخفاء الخوف أمام السيكوباتي لأنه تَعَوَّدَ على استغلال الترهيب للسيطرة على الآخرين والتحكم بهم.

* عدم مواجهة السيكوباتي بعيوبه لأن ذلك يثير السلوك العدواني لديه وقد يستفزه لأفعال خطرة وغير آمنة.

* عدم إظهار أي تعاطف للقصص التي يرويها السيكوباتي لأنها تنبع من واقع مَكْرِهُ وتَقمُّص دور الضحية.

* زيادة التواصل مع السيكوباتي عن طريق الرسائل النصية والبعد عن المواجهة وجها لوجه لأنها الطريقة المفضلة له.

* عدم محاولة الانتقام من السيكوباتي لأن ذلك قد يكون مؤذيا للشخص، بالإضافة لمشاعر الانتقام السلبية المدمرة.

* البحث في إيجابيات الشخصية السيكوباتية وتعزيزها بالتركيز عليها وعدم الانشغال بسلبياتها وانتقادها.

وأخيراً وليس آخراً رسالتي هي؛ وقاية أطفالنا من هذا الاعتلال النفسي بالحب والحنان وعدم العنف معهم، والقرب منهم، والتودد لهم، وتدريبهم على تحمل المسؤولية والحقوق والواجبات بالتدريج، والنصح والإرشاد، وإعطائهم بعض المساحات لاتخاذ قراراتهم البدائية وتحمل نتائجها، ومكافأتهم وتشجيعهم على الصواب وفعل الخير مع مراقبة سلوكهم، وغرس أفضل القيم الإنسانية في شخصياتهم؛ مثل حسن الخلق، والأفعال الخيرية، ومراقبة الأصحاب الذين يرافقونهم؛ لكي نجعلهم أطفالاً أصحّاء نفسياً وجسدياً، ويكونوا لبنة صالحة في بناء مجتمع يسوده الخير والصلاح والعطاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى