عـيـسى بن عـلـي الغـساني

محامي ومستـشار قانـوني

الحضارة = الانسان + التربة + الوقت..

ولد المفكر مالك بن نبي 1905 في تبلسة في الجزائر ، والجزائر في هذا الوقت كانت تحت االحكم الفرنسي وتناضل من أجل خلاصها.

تظل الأفكار هي الأساس والمحرك والدافع لتقدم الأمم وتراجعها ، وعندما تكون ؛ يكون نظام التفكير منتجاً وخلّاقاً وقادراً على الاكتشاف والاختراع والتطوير.

تتصدي الأمم للمشهد الإنساني وتقوده أو على الأقل تشارك فية بفاعلية ، وعند حدوث النكوص والتراجع تتعطل ملكات الفكر ، ويسود الجمود ، ويتعاطى العقل مع مجموعة من الأوهام والخرافات التي يدور حولها الصراع ؛ فيفسد الضمير ، ويضمحل العقل ، وتبقي هذه المجتمعات على الهامش.

مالك بن نبي المفكر والناقد ولد سنة 1905 بالجزائر ، وهاجر الى فرنسا ثم الى مصر وتشكل عقلة وضميره بقضية الحضارة كيف تنشأ ؟! ومن يحركها ويدفها إلى المُضي قُدُماً نحو الخلق والابداع؟!.

ونظرة مالك بن نبي نظرة إنسانية شاملة ؛ لكنه يسقطها على واقع الشرق لعلة ينهض ويفيق من سباتة.

ويري مالك بن نبي ويضع نظرية للتغيير يسميها بمعادلة الحضارة حيث يُقَسِّم أي حضارة إلى ثلاثة عناصر وهي الإنسان والتربة والوقت.

ويري ان الإنسان وهو الأصل وأهم العناصر ؛ يجب بالضرورة أن تكون بذور وجذور الأخلاق راسخة في الضمير الفردي والوجدان الجمعي ، وهي ثوابت غير قابلة للتَّغَيُّر أو التَّبَدُّل ، ولا ترتبط بظرف أو نظرية ظرفية أو نفعية ، وبالتالي فهي قِيَمٌ مجردة.

ويؤكد بن نبي على أن الدخل أو الإيردات المادية لا تبني حضارة إذا غاب الإنسان ذو المرجعية والجذور الأخلاقية الثابتة والمجردة.

والحالة الاعتذارية والعودة إلى الماضي ، كما يسميها مالك بن نبي لا تبني حضارة ؛ فالحضارة تقتضي الارتقاء الى مجموعة من القِيَم والمُثُل والمباديء التي تحرك وتشكل الوعي ، بحيث تصبح مرجعية ثقافية ؛ لتكون الحرية والمساؤاة والعدل سجايا وطباع العقل الباطن أو الأحوال الباطنية ، وتدرك بالبصيرة ومنها تستمد الأنظمة والقوانين.

والتربة أو المواد الخام هو تسخير الفكر لاستغلالها الاستغلال الأمثل ، وارتباط التربة بالوقت هو تقديس العمل والجهد المفكر بعنصره الأهم وهو الوقت ، ويضرب لذلك مثلاً بحضارة الغرب وتفوقها لأعمالها عناصر الحضارة من إنسان بعمق فكري منظم وبجهد فاعل يحترم قوانين الطبيعة وعناصرها الزمنية.