أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

هـلـوسات العـقـل الّلا واعـي..

رحمـة بنت مبارك السـلـمانية

 

هـلـوسات العـقـل الّلا واعـي..

 

الساعة تشير إلى الثانية والنصف بعد منتصف الليل وانت لا زلت تتقلب في فراشك أرقاً تستجدي النوم، بعد أن أنهيت مشاهدة الجزء الأخير من فيلم الأكشن المفضل لديك، فبقيت تستعيد الأحداث وما فعلت طوال يومك وتتخيل ما سيحدث لك مستقبلاً، ثم تستيقظ فجأة لتجد أنك لم تصل الفجر وقد تأخرت عن موعد عملك بساعة، ولم توصل ابنك المراهق للمدرسة لأداء الاختبار النهائي، ثم قفزت كوشق بري لتلحق ببعض ما فاتك، وقبل أن تدفع جسدك داخل سيارتك تجد أن أحد إطاراتها مفرغة من الهواء، تعمل على حل المشكلة ثم تقود مسرعاً لأقرب مقهى لتأخذ قهوتك الساخنة وترتشفها على عجل، فإذا بشخص على مدخل المقهى يصطدم بكتفك بقوة لتنسكب القهوة على يدك وملابسك الناصعة البياض، فتتشاجر معه وتلقنه درساً وتكيل له ألواناً من السباب ثم تعود أدراجك عائدا إلى المنزل لتغيير ملابسك المبقعة، وتضع كيساً من الثلج على يدك الملتهبة.

تركض لاهثاً وتركب السيارة وتقودها بسرعة لتفاجئ بحادث مروري في منتصف الطريق تصفع خدك متسائلاً: يا إلهي ماذا سيفعل بي مديري يا ترى وأنا متأخر على الاجتماع؟ ولماذا لم يتصل بي حتى الآن رغم تأخري لأكثر من ساعة؟، ثم تبحث عن هاتفك لتكتشف أنك نسيته في المنزل، وتضغط قدمك على المكابح بقوة ليصدمك قائد السيارة التي خلفك مباشرة فتوقف سيارتك على جانب الطريق وتترجل غاضباً، ليلفحك لهيب الحرارة ونحن على أعتاب شهر يونيو الجميل، وبينما انته على وشك أن تسدد إليه لكمة يرن هاتفك فجأة، وتبلع ريقك معتقداً أنه المدير، فتنصت جيدا لصوت أنفاسك ثم تفتح عينك وتجد أنك لازلت على الفراش ومنبه الهاتف يرن معلناً أنها الخامسة، ويدك على قنينة مياه معدنية باردة وضعتها على طاولة صغيرة قرب السرير.

الآن انهض بل اقفز لتُغير مجرى الأحداث وتصنع قصة أجمل، وكن متفائلاً لتطارد أحلامك وتركض خلف الحقيقة، فلازال لديك الوقت الكافي لتتأمل وتقرأ ما شئت وتُلقي التحية على من تحب، وأيضاً تحتسي قهوتك على مهل، نعم ذلك الروتين اليومي وصراعاتك في الحياة قد تختلف أحياناً، وقد تعيشها بطريقة مختلفة ربما مليئة بالأحداث والمفاجئات، ربما يكون يومك سعيداً وحظك فيه وافر وقد يكون يوماً بائساً صعباً، لكن لا بد لك أن تعيشه بكل تفاصيله ويمضي بكل ما يحمل هموم ومشاكل وآهات وعراقيل، لتبدأ يوماً آخر وصفحة جديدة لا محالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى