أبو جهل وأبو لهب ما زالا على قيد الحياة !!..
الكاتبة/ فاطمة بنت أحمد الراعي
طالبة دكتوراة في الإقتصاد والتجارة الدولية
أبو جهل وأبو لهب ما زالا على قيد الحياة !!..
طبعا يؤسفني أن يكون عنوان مقالتي بأسماء من لعنتهم الأرض والسماء ، ولكنهم شر موجود ، ما زال في كل مكان وزمان ، وهما إبتلاء لا بد من الصبر ، وتوحيد الدعاء بإزالته عنا ، وعن مجتمعاتنا وبلادنا.
هاتين الشخصيّتين (أبو جهل وأبو لهب) رمز الشر والدمار والاستهتار والغباء والجهل من أيام الجاهلية إلى يومنا هذا، وهما ما زالا يتمتعان بالنفوذ والسلطة والقرار في كثير من البلدان.
بالأصالة عن نفسي ونيابة عن كثير من المواطنين والمواطنات أتحدث عن ما لدينا من أفكار لمشاريع حيوية تنموية اقتصادية تجارية تخدم بلدنا الغالي وتخدم المواطن ، ولا تحتاج ميزانية ضخمة ولا مناقصات ترسي على أناس معينين لا نرى من ورائهم إلا أكوام الطين .
عن نفسي لدي مشاريع من عام ٢٠٠٢م وأقرب مشروع منذ أكثر من ١٠ سنوات ، وأبحث عن أذن صاغية للاستماع ، ومازال البحث مستمراً.
تلك المشاريع خدمة للدولة وتوفير التكلفة وتقديم الجديد والمبهر لمن هم في السلطنة وخارجها.
وهذه المشاريع لا يمكن أن يقوم بها تاجر أو رائد أعمال لأنها معقدة من ناحية التصاريح ، ولارتباط المشروع بعدة مؤسسات حكومية لتنفيذها وكل مؤسسة من وزارة معنية.
بعض المؤسسات تخلي علاقتها بالموضوع ، وأخرى تخلي مسؤوليتها ، وأخرى ترفض ، والأخيرة تعلق الموضوع .
والسبب لعدم وجود تكامل وتوافق بين كثير من المؤسسات وبعضها ، والبعض ليس لديه نظرة عميقة لمفهوم خدمة الفرد والمجتمع ، وكأن كل مؤسسة تعتبر الأخرى (ذرتها) .
للعلم .. هذه المشاريع بسيطة جداً في تنفيذها غير مكلفة في الميزانية ، ولكنها مكلفة فقط في إجراءاتها ، عقدها (أبو جهل وأبو لهب) .. وكان الله بالسر عليم.
وأبسط مثال : تشجير أو تزيين (دوار) في منطقة ما !! أو محافظة ما !! قامت به شركة ما !! يقولون رست عليها مناقصة ما !! بمئات الآلاف من الريالات !! ولا الدوار ولا العمل نفسه يسوى ألف ريال !! ولا عاجب مواطن !! ولا منه مظهر ولا به جوهر !! قامت به شركة أبو لهب وأبو جهل مع أبنائهم وأحفادهم .
ولو سلم هذا المشروع لمهندس عماني خريج أو باحث عن عمل سوف يقدم فكرة أجمل مليون مرة وبتكلفة أقل مليار مرة ، ويتشرف بأن يشترك مع الحكومة في عمل وطني ، قبل أن ينسى تخصصه بعد سنوات كفاح في سبيل العلم والوطن ، وبالأخير نصدم بأن يأتي المهندس (كله تمام يا فندم) والمقاول (نفر كله سوي هذا نامونه) والفورمان (ما في خوف ما في مشكلة) ليزينوا شوارعنا والواجهات التي لا يعنيهم منها سوى المادة .
المشاريع التي أعنيها ، البنية الأساسية لها مرصودة وهي شبه جاهزة للتنفيذ ، بل وبعضها من ناحية المكان جاهز وشاهد للعيان ، فقط يحتاج لفكرة منعشة متجددة وتخطيط ذكي وهمّة وعزيمة صادقة لمتابعة توظيف أو تشغيل المشروع .
وكمقترح أقدمه قبل أن تضمحل أفكارنا وتتحلل ، وتتلاشى ، وما يترتب عليه من ضمور فكري ، وتعقيد نفسي . أقترح الآتي :
1- أن يوجد قسم في مكاتب أصحاب السعادة الولاة كل في المحافظة التي يتبعها ، خاص بإجراء المقابلات والإنصات والاستماع الجيد لصاحب الفكرة أو المشروع واستلام المقترحات وتحليل الأفكار ، والأمانة العلمية والمهنية تكون حاضرة ومقيدة لدى المسؤول عن ذلك .
2- فتلك الأفكار لمشاريع غير فردية ، وليست تجارية ، هي مشاريع خدمية عامة سوف تعود بالنفع على البلاد والعباد ، والتي لا تحتاج إلى مستثمر أجنبي ، مستثمريها موجودين وحاضرين للعطاء ، وبذل الجهد ، لأن ولاءهم لله والوطن والسلطان.
3- لدينا مستثمرين عمانيّين ، لديهم رأس مال غالي وثمين ، وهو عقل وفكر مستنير ، وحب خالص لله والوطن ولسلطاننا الأمين .
أسود عمان أشبالها جاهزين ومستعدين ، للحفاظ على خيرات البلاد من عبث العابثين ، يريدون فرصة وأمان لكل فكر رصين .
عمان الخير والأمان لأبنائها الأخيار الصالحين ، الذين لم ولن يتنازلوا عن التفاني في خدمة وطنهم وسلطانهم الأمين .
4- المطلوب فقط حقهم في ضمان الملكية الفكرية على ما سوف يقدمه أبناء عمان الأوفياء من خطط تنموية واستثمارية واقتصادية والتي من خلالها تبنى مناطقهم وولاياتهم وتزدهر بسواعد الشباب وخبرة الآباء وحكمة الأجداد .
للعلم : بعض الدول (ويا جاره إفهميها بالإشارة) تعلن عالمياً عن رغبتها في الحصول على أفكار جديدة لتطوير بلدها تستعير الأذكياء والعلماء والمفكرين والمبدعين ورواد الفكر ، لتبحث عن فكرة جديدة لإقامة مشروع متميز ومبتكر وتعطي ذلك المبتكر أو المفكر كل ما يطلبه مقابل الأفكار .. لماذا ؟ لأنها لم تجد في أبنائها الكفاءة الكافية التي تغنيها عن استيراد الأفكار من الخارج .
ونحن ولله الحمد ، كما هي عمان بلاد مباركة وخيراته كثيرة ، كذلك أبناؤه أذكياء أوفياء جادين مخلصين ، محتاجين فقط المسؤول الأمين.
الخـلاصـة :
لقد أكد جلالة السلطان هيثم أبقاه الله على أن نهضة البلاد وإعمارها وبناءها ، هو شراكة حقيقية مؤكدة ومستمرة بين الشعب والحكومة .
فكما أن هناك وزارة للبحث العلمي وتلقى دعم واهتمام من الدولة ، نطالب بمركز أو مؤسسة أو قسم ، يعنى بكل فكرة جديدة في كل ما من شأنه خدمة الوطن والمواطن في شتى المجالات .
ودمـتـم فـي ود..