أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

فن الدبلوماسية ولغة الجسد .. معاني وأنواع المصافحة..

الدكتور/ سعـدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق – الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

 

فن الدبلوماسية ولغة الجسد .. معاني وأنواع المصافحة..

 

يتفاخر الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت لغة الجسد والتي هي تتألف من : حركات الرأس ، حركات الحواجب ، أشكال العين، تأثر الجبين ، لمس الأنف ، دلالال أشكال حركة الفم ، أنواع الابتسامات ، معاني الشفتين ، دلالات اتجاه النظر ، الذراع والكفوف ، الأقدام ، والإيماءات الرسمية والاجتماعية ، وأخيراً معاني وأشكال المصافحة (موضوعنا اليوم) ، وغيرها من معاني لغة الجسد التي لها الأثر الكبير في إيصال المعلومة إلى المقابل دون تكلم أو نطق ، وهي اللغة الصامتة.

إن الكلام ليس الوسيلة الوحيدة التي نعبر بها عن أنفسنا ، فكثيراً ما نتحرك ونعبر عما نقول بحركات وإيماءات معينة أثناء الحديث مع الآخرين ، وتلك الحركات سواء بالوجه أم باليدين أم بالجسم كله.

بدأت المدارس الغربية تطور هذا الفن وتدرسه لكبار الشخصيات وكذلك للكادر الدبلوماسي ؛ لما له الأثر الكبير في إيصال المعلومة بصورة أدق وأكثر تأثيراً؛ حيث كانت المدارس الأوروبية وخاصة البريطانية والفرنسية تتبارى لتطوير هذا الفن ، والوصول به إلى أعلى وأرقى المعاني المطلوبة ، وكانت بدايته في القرن الماضي خصوصًا عندما نشر دجوليوس فاست كتابه عن لغة الجسد عام1970م.

بدأت المدارس الدبلوماسية تستخدم لغة الجسد كوسيلة مستقلة لتوصيل الفكرة أو بعض أجزائها ؛ لجذب انتباه المقابل لما سيطرح ، وأن لغة الجسد تشمل حركات الجسم وأعضائه كافة ؛ ليعبرعن الحزن والتجهُّم والتبسُّم وكل الانفعالات ، وخاصة تعبيرات الوجه لأنه يعتبر هو الاتصال الصامت وعمقه عند الآخرين.

أما فن الدبلوماسية وعلاقته بلغة الجسد ؛ فهو الفن الذي يدرس هذه الحركات ويحللها ويترجمها لمعرفة كاريزما وشخصية المفاوض أو الزائر ؛ معتمداً على أبعاد وتغييرات الجسد.

إن أهم مهارات علم الجسد هو التحكم عند الانفعال أو المبالغة في السلوكيات (اللاإرادية التي تسمى لغة الجسد البيولوجية ؛ مثل الارتعاش عند الشعور بالخوف أو لاإرادياً بإيعاز من العقل اللاواعي ؛ مثال هزهزة الأرجل ، أو فرقعة الأصابع) ، وهما مهارة السيطرة على المشاعر والأحاسيس.

مقالنا اليوم هو “معاني وأنواع المصافحة” لكلا الجنسين لما له أهمية كبيرة في حياتنا اليومية ؛ حيث نرى الكثير يضغط على الكف بقوة وبشدة كأنه في منازلة أو حلبة مصارعة ، وليفرض نفسه بالقوة ، وهو من الأخطاء الشائعة التي تحددها مفاهيم علم النفس الاجتماعي ؛ لأن المصافحة تعكس الصورة الذهنية لشخصية المصافح ، وكلما كانت المصافحة بسيطة ومملوءة بالأحاسيس والمشاعر الطيبة مع راحة أو أصابع الكف ، كلما كان لها مدلولات إنسانية وحضارية بعيدة عن إبراز العضلات على الشخص الآخر ، وخاصة المصافحة للمرة الأولى.

وأهم انواع المصافحة هي :

1. المصافحة المتكافئة :

وهي من أفضل أنواع المصافحة لكونها معتدلة ومتوازنة وإيجابية ؛ بحيث تكون أصابع الإبهام متجهة إلى الأعلى والأصابع في يد كل طرف ماسكة على يد الطرف الآخر وبشكل متلاصق ؛ بحيث السبابة لا تبتعد عن بقية الأصابع بدون ضغط وقوة وبراحتي الكفيين.

2. المصافحة السلبية :

وهي مؤشر لفقدان الود ، وعدم الشعور بالارتياح تجاه الطرف الثاني ؛ بحيث تكون رخوة وسريعة وغير متلاصقة الأصابع تكاد تكون وقتها ثانية الى 3 ثواني.

3. المصافحة المتسلطة :

هو يظهر حرارة اللقاء ، ولكن الشدة الزائدة عن حدها تعطي مؤشراً عن التعامل الفوقي وإن كانت لا شعورية ؛ لأنها تظهر صاحبها في موقف القوة والتسلط والتفوق ، ويظهر الطرف الثاني بالجانب الأضعف وهذا ما يلاحظ في المفاوضات.

4. مصافحة أطراف الأصابع :

وهي المصافحة الملكية أو الأميرية التي يتم المصافحة فقط بلمس الأصابع دون الوصول إلى راحة اليد ، أو الوصول إلى بقية أجزاء الكف ، وخاصة عند مصافحة نساء (من الطراز الأول ، الفئة الملكية ، السلطانية ، الأميرية أو بنفس المستوى) ، وهي ذات دلالة على الاحترام والتقدير العالي للطرف الثاني دون التمسك بأطراف الأصابع فترة طويلة ؛ بحيث باطن الإبهام قد لمس جميع أصابع الكف من الجهة الخارجية.

5. المصافحة الحارة (الإيجابية) :

وهي تشعر بحرارة اللقاء لغرض إظهار الود وبناء الألفة ؛ بحيث تكون بضغط بسيط جدا لا يؤذي الطرف الثاني فالاعتدال والتوسط في كل شي جميل ، وهذا النوع يبعث الثقة والدفء والأحاسيس الطيبة بين الاثنين ، ويوحي بكثير من الاهتمام والصدق في المشاعر.

وفي الختام .. فإن التواصل البصري والروحي من أهم مقومات التصافح ، وإلا فقدت المصافحة قيمتها ومعانيها ، مع مراعاة القيم والتقاليد الاجتماعية كالحضن والتقبيل في بعض المجتمعات والشعوب ، بالإضافة إلى عدم وضع اليد في الجيب أو وراء الظهر ؛ لأن إخفاءها عند بعض المجتمعات تثير الريبة.

 

الـمـصـادر :
* موسوعة الفراسة في معرفة لغة الجسد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى