أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

كـالـقـهـوة..

ياسمـين عـبدالمحسن إبراهـيم

صانعة محتوى ، ومدربة في مجال اكتشاف وتنمية الذات

 

كـالـقـهـوة..

 

مُرَّة الطعم وغامقة اللون، لا تأتيك على شكل واحد، ستجدها دوما متغيرة، وتختلف من مكان لمكان.
أصلها واحد، بينما يحاولون الان انتاجها من مصادر آخرى كنوى التمر المحروق وغيره هناك من يدمنها ولا يستطيع العيش بدونها، وهناك من يجهلها تماما، وهناك من يعرف عنها ولكن لا يعبأ لها بالا، وهناك ما بين هذا وذاك هو الذي يستخدمها باعتدال.

أحدهم يشربها كما هي ويتقبل مرارتها بل بالعكس يدمن هذه المرارة بحب وشغف كبير، وأحدهم يضيف إليها السكر ليعتدل الطعم ويصبح مقبولا له، وهناك الذي كل يوم يجرب إضافة شي جديد وكأنه يتعامل معها كمغامرة وفي كل مرة يكتشف شي جديد.

هؤلاء غاضبون من هؤلاء، فهم يرون أن القهوة لا تشرب إلا كما هي بدون إضافات، بينما يرى الاخرون أنها حرية شخصية وعلى الجميع اختيار ما هو مناسب لكل منهم.
وقد يكون عدم شربك للقهوة بالنسبة لأحدهم دلالة على أنك غير ناضج بشكل كاف، أو قد يرى آخر أنك مدلل لمجرد أنك تضيف الثلج والسكر لقهوتك، وقد يرى فيك أحدهم أنك الصديق المثالي لمجرد أنكم تتشاركون حب القهوة.

يتغنى بحبها الكثير وربما الأغلبية، يعبرون عن جمال أحبائهم مستخدمين صفاتها، ومنهم من يعبر عن الحزن والآسى مستخدما نفس الصفات.

يعتبر البعض أن القهوة كالسحر، فهى منشط للعقل ومهدأ في نفس ذات الوقت، بينما آخرون يرون فيها من البشاعة ما لا يتمنونه لألد أعدائهم.

حقيقة الأمر القهوة والروايات التي تدور حولها هي نموذج صغير للحياة بكبرها.
وكأن الحياة تعطينا طوال الوقت نماذج لأمور نحياها ربما لنستدل بها على أشياء تسهل علينا فهم التفاصيل الصغيرة.

كالقـهـوة هـي الحـياة..

نحن من نجعل من حياتنا مميزة، هي واحدة على الجميع ولكنها تختلف باختلاف تلقي كل واحد لها، نحن من نقبلها بمرارتها لتساعدنا على انجاز عمل ما، ونحن من نضيف لها الحليب والسكر والثلج لتصلح للمواقف السريعة.
نحن فقط من يقرر كيف تكون حياتنا.
نحن من يقرر إلى أي مدى يمكننا أن تقبلها.
نحن فقط من يقرر كم المرونة الممكنة لتقبل التغييرات.
نحن من نقرر إلى أي فريق سننتمي إلى فريق محبي الحياة والذين يتغنون بروعة مرارتها، أو إلى الفريق الذي يقتنص الحزن من سواد حباتها.
نحن فقط من يقرر كيف سيتعامل مع الحياة وتفاصيلها، هل سيدمن على أجزاء منها ومع الوقت ستتسبب في ضرره، أو سيمكنه الاعتدال والتمسك بالوسطية.

ربما تعلمنا القهوة أن علينا تقبل اختلاف الاخرين عنا، علينا أن نحترم رغباتهم التي لا تتوافق مع رغباتنا، علينا أن نتفق أن يحكم كل شخص على كوبه فقط.
ربما علينا التوقف عن إصدار أحكام تضع الاخرين في زوايا بعيدة عن أنفسهم.
ربما علينا أن نغامر أحيانا لا بأس من تغيير بعض مكونات الوصفة.

الأهم من كل هذا أن علينا تأكيد الأمر على أنفسنا باستمرار وهو أن الحياة بطبيعتها صعبة ونحن خلقنا لنذلل الصعاب بشتى الطرق الممكنة، لا لأن نستسلم لها، أو نردد كم صعوبتها، فلندرك أن إعمار الأرض وترويض القلوب والقضاء على التحديات التي تواجهنا أثناء ذلك هو المهمة الأساسية لنا
نحن قادرون على كل شيء فقط إذا أردنا ذلك.

لقد سخر الله الكون طوعا للإنسان، ولكنه مازال يبرع في تقييد نفسه وتكبيل قدراته.
نحن حيث نرى أنفسنا.
نحن متى أردنا كنا.
نحن وحدنا من يقدر على تغيير مسار حياتنا.
اليقين بالله والعمل الجاد وحسن الظن هم سر الخلطة السرية لتقبل مرارة قهوتك الخاصة.

لا تشرب قهوة غيرك، بل اصنع قهوتك بنفسك مهما تعنيت أو تأخرت
لا بأس بإضافة مكونك الخاص لقهوتك حتى وإن كان كل من حولك يشربها سادة.
ابحث دائما عن أفضل مصدر يعجبك أنت لا أحد غيرك
شارك وصفتك الخاصة متى كان متاح لك، ربما ترشد أحد الظمأى.

وأخيرا وليس آخرا..
متى ستشاركنا وصفتك السرية لنصنع قهوتك الخاصة؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى