أصداء وآراءبأقلام الكُتّاب

إهـدار الوقـت حقـاً معـضـلة..

الدكـتـورة/ سـلـوى سـلـيـمان

خبير تربوي ، واستشاري اكتشاف ورعاية موهوبين

 

إهـدار الوقـت حقـاً معـضـلة..

 

هناك اعتقاد لدى البعض أن اليوم متاح لهم يستطيعون خلاله في أي وقت أن ينجزوا ما يريدون من أعمال؛ مما يجعلهم ذلك يبدأون يومهم وينهونه دون أدنى إنجاز وفي بعض الأحايين قد ينجزون قليل القليل فليس المهم عندهم حجم الإنتاج والإنجاز؛ حيث إنهم فعليا يتجاهلون قيمة الوقت ولديهم من التسيب وعدم تحمل المسؤولية ما يجعلهم يخفقون ويماطلون بدرجة ملفتة إبان إنجاز أعمالهم.

والفجوة هنا تكمن في عدم جدولة المهام وترتيب أولويات إنجازها، فقد يكون إنسان يعرف أهمية الوقت لكنه كسول متباطئ، فتمر الساعات دون جدوى ويظل أياما هكذا دون التحرك قدر أنملة، ونغفل أن الوقت من عمرنا، وإذا مر يوم نقص هذا العمر، ولن يتم استعادته بأي حال.

إلا أن ظاهرة إهدار الوقت تفشت في مجتمعنا بشكل ملحوظ فلم يبدوا الكثيرين حريصين على وقتهم وهم لا يعلمون أن الأوقات التي لا يستطيعون الاستفادة منها هى تلك التى تشكل تاريخ فاقد القيمة لا يعني شئ لهم أو لغيرهم لأنه بلا مدلول وهناك حقائق خطيرة جداً تتعلق بالوقت أولها أنك أيها الإنسان في حد ذاتك وقت، وأنك بِضْعَةُ أيام كلما انقضى يوم انقضى بِضْعٌ منك، والوقت مادة خام تستطيع استثمارها وهذا ما يوضح الفروق بين البشر، والدول والمؤسسات إنك أيها الإنسان لا تملك أثمن من الوقت بل إن رأسمالك الوحيد هو الوقت، ومهما كنت وفي أي حجم وُجدِتْ وبأي ثروة تملكها وبأي مكان تصبو إليه أنت خاسر لأنك في هدر وضياع الوقت تُستهلك وتذهب أيامك سُدى دون أن تفعل أي شيء نافع.

وقطعاً الإنسان في أعماقه ودون أن يشعر يعلم أن الوقت أثمن من المال، لكنه في غفلة لم يفيق منها بعد، فالعاقل يحرص على وقته لأنه رأسماله الوحيد ولا يندم إلا على أقل لحظة من وقته لم يُحسن استغلالها؛ لذلك كانت الحاجة ماسة للاهتمام بالتدريب على إدارة الوقت نظراً لتزايد الضغوط التي تصل إلى المستوى الشخصي وتزايد سرعة التغيير وأيضا تزايد تعقد بيئة العمل والتغيير المستمر والمنافسة مع تزايد التوقعات حول ما يفترض أن ننجزه الآن عن الأعوام السابقة وهناك مسلمة تؤكدها كاثرين بولسيفر”أن الوقت هو الشئ الوحيد الذي نشترك فيه جميعا، ولكنه أيضآ الشئ الوحيد الذي نستخدمه جميعاً بشكل مختلف”.

فالوقت مُنح للجميع بالتساوي؛ فجميعنا لدينا يوم مكون من ٢٤ ساعة، ٨٦٤٠٠ ثانية في اليوم ١٦٨ ساعة في الأسبوع، لكن ما يميز أحدنا عن الآخر هو الطريقة التي نستخدم بها هذا الوقت كله.

أخيراً .. تكمن المعضلة في عدم التخطيط، وعدم وجود أجندة يومية للقيام بالمهام المُختلفة، وتوزيع الأنشطة العادية يؤدي إلى إرتباك الشخص وهدر الكثير من وقته، لا سيما أنّ الوقت يمضي ولا ينتظر أحداً، وبالكاد فقد يكون الشخص موقناً قيمة الوقت ويستشعر أهميته في الحياة، ويُحاول ضبطه بالتخطيط بجدول يومي أو ما شابه، لكنه عند التنفيذ لا يفعل شيئاً، ويبقى الأمر المُخطط له مجرد حبر على ورق، لذا لا بد للشخص من شد عزيمته والتغلب على الضعف الذي يشعر به تجاه تطبيق خططه الزمنية وبالأحرى إذا عرفت متى تقدم ومتى تحجم فقد مشيت نصف طريق النجاح، كما أن كل فعل ناجح إنما يفعل في حيز، فعندما تقرر إنجاز عمل عظيم فأنت لا تفعله خارج الزمن؛ لذلك عليك أن تختار له الوقت المناسب، وأن تصبر على الجهد حتى تتمكن من الإنجاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى