الخطوة خجلى والقسوة طاغية..
ماجـد بن محـمـد الوهـيبي
الخطوة خجلى والقسوة طاغية..
شكى لي أحدهم سوء حاله فكتبتُ شكواه وعبرت عنها بهذه العبارات بعد أن أخذت الموافقة منه على النشر والتحدث عن حاله بشكل عام، فهذا حال من يعاني وكم من مثله يعاني ومن سمع معاناة غيره هانت عليه معاناته.
فقلتُ مترجمًا أحاسيسه إلى كلمات، وهواجسه إلى عبارات، محاولًا تقريب الصورة ووصف الحالة لعلها تخفف عنه وعن غيره.
******
بين فراغ الوحدة وسجن العاطفة ألف إنسانٍ يموت يين جدران الغرفة الواحدة،
واشتياق الأحضان وطيف الحاضنة.
تمر اللحظات وكل لحظة أقسى من الأخرى، لعل الشوق يعصف بقلبها وتتذكر تلك الجثة الهامدة التي تترقب الإطلالة المرتقبة التي باتت مستحيلة؛
يقول : حتى على تلك الملاءة المهجورة، الغبار يحيط بي من كل مكان لعلها تأتي وتنفض الغبار عن قلبي قبل أن تنفضهُ عن تلك الفُرش الراقية،
تمر الأعوام وقسوة الليالي بلا لقاء حتى توارت النشوة وبردت العاطفة، حينما يشتغل الخل عن خله وتستحوذ وسائل التقاطع الاجتماعي على أوقات الكثير منا؛ تضيع العلاقات في معمعة الحياة،
ويصعب الوصل رغم قرب المسافات وتصبح الخطوة خجلى والقسوة طاغية، أنقل لكم شعور محروم قست عليه الظروف وعبست بوجهه الفرصة الباهضة،
ونأت عنه الرفيقة لتتركه وحيد الليالي بلا حضن يحتوية أو قبلة عابرة، حتى لطيف الكلام بات شحيحًا وكأن عدوى الضرائب انتقلت للعواطف والكلمات، ترى هل يعود الاهتمام ووهج الغرام كسابق الأعوام؟،
أم أنه أصبح معدومًا في هذه الأيام ؟ وغاب في معتركِ الحياة مع الزحام، في زمن اختلط فيه الحابل والنابل وكثرت فيه الرُّخَص وأصبح ما كان بالأمس حرامًا اليوم حلالاً، وما كان بالأمس حلالًا اليوم حراما،
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما كان من صيد البرِ الذي منع، وما كان من رُخصٍ في شرب المُدام، وكم من الغزلان والآرام قلت بُعولِها لتفترسهم وحدة الليالي والأيام،
يقول الفتى وقد أثقلته الهموم، إلى متى هذا الحال يدوم ؟، بتُ كالأرض القاحلة ترتقب طيف المطر إذا ما مر من هنا أو عبر، وليت غيوم المطر تراودني كل يوم؛
بين هجر المطر للأرض وقت طويل أنّى للفتى أن يصبر وقد داهمته الأفكار ؟، وخنقته الوحدة واستحوذت على طبعه جيوش الكدر؛
ربما من يقرأ هذه العبارات يستشعر فيها بعض الكلمات الجريئة، وربما يقول في نفسه : هي كلمات لا تليق أو حبَّذا لو أنها لم تُذْكر، ولكنها الحقيقة، وقد نقلت لكم الواقع كما أسلفت؛ فرفقًا بقلوب الأحبة،
ولا تشتغلوا عنهم بوسائل دنيوية لا تجلب إلا النكد والقطيعة، أعطوا كل ذي حقٍ حقه ولا تتجاهلوهم؛ لعل دبيب الوصل يُعيد الحياة إلى ما غبر، ونشوة القرب تزيل الهموم وتهزم جيش الكدر.