
التثقيف المروري
رحمة بنت مبارك السلمانية
أثناء حضوري لليوم المفتوح للتثقيف المروري تزامناً مع أسبوع المرور الخليجي لعام 2025م تحت شعار (القيادة بدون هاتف) أيقنت تماماً أنه أكثر شعار يجب الالتزام بتطبيقه عند قيادة السيارة؛ لأن الكثير من السائقين للأسف الشديد أينما توجهت تجدهم منشغلون بالهاتف النقال إلا من رَحِمَ ربّي، فالهاتف هو أول الملهيات وأكبر المشتتات التي تشتت انتباه السائق على الطريق مما يؤدي إلى وقوع حوادث خطيرة ومُمِيتة، كما تخلل التثقيف المروري عدة محاضرات ووسائل توعوية وإرشادية متنوعة من قِبل شخصيات متخصصة من جهات ومؤسسات عامة وخاصة والتي تطرقت للكثير من الجوانب المتعلقة بالتثقيف المروري، والتي يَقل تناولها أو مناقشتها والحديث عنها من قِبل الباحثين والمهتمين بقضايا حوادث المرور، خاصة تلك المتعلقة بالأضرار النفسية التي تسببها الحوادث وأبعادها من المنظور الديني.
في الواقع إن التثقيف المروري مهمة جليلة لا تقتصر على رجال المرور أو شرطة عُمان السلطانية فحسب، بل هو مسؤولية مجتمعية مشتركة وواجب وطني يتطلب ضرورة تكاتف جميع الجهات والقطاعات والأطراف أفراداً وجماعات؛ لتثقيف مختلف الفئات العمرية في المجتمع ورفع مستوى الوعي المروري لديهم؛ حفاظاً على سلامتهم وسلامة الآخرين، فنحن بحاجة ماسة لتعزيز مفهوم الثقافة المرورية لدى العامة وخاصة للفئة العمرية من 18- 29 سنة؛ نظراً لكمية التجاوزات والمخالفات التي نراها تتكرر أمام أعيننا يومياً من قِبل البعض، حيث أن الثقافة المرورية هي سلوك حضاري ينطوي على الالتزام بالقيم والآداب العامة للمرور وتطبيق القوانين والأنظمة المرورية للوقاية من الحوادث والأضرار الكارثية والخسائر الناتجة عنها، حتى الأطفال يجب توعيتهم بالمخاطر التي قد يتعرضون لها بسبب عدم التزامهم بقوانين السير وأنظمة المرور، سواءً عند وجودهم في المركبة مع ذويهم أو في الحافلة المدرسية أو عند عبورهم للطريق.
الحقيقة أن الأجهزة المختصة القائمة على فعاليات التثقيف المروري لها دور بارز ومهم في اكساب المجتمع معلومات جديدة ومفيدة تجعله أكثر وعياً وانتباهاً عند استخدام الطريق، وتبدو الجهود واضحة لتعزيز الثقافة المرورية من خلال حملات التوعية التي تتضمن ورش عمل ومعارض ومنشورات مختلفة تُنْشَر بصفة دورية مثل: المجلات والمطويات والكتيبات التوعوية، ومما لا شك فيه أن الأجهزة المختصة لا تقوم بنشر احصائيات لأعداد الحوادث ونسب الاصابات والوفيات سنوياً بغرض نشر الأخبار السيئة والمفجعة فحسب، بل يتم نشر ذلك لتوعية الجمهور بخطورة الأمر، وحثهم على الالتزام بقوانين المرور والحذر والانتباه عند قيادة المركبة واستخدام الطريق، كما أنها لا تُحرر المخالفات ولا تفرض الغرامات بقصد المخالفة بحد ذاتها، ولكنها تسعى لإرغام مرتادي الطرقات على الالتزام بالقوانين والأنظمة المرورية وردع المخالفين حفاظاً على أرواحهم.
رغم تطور تقنيات السلامة في المركبات إلا أن حوادث المرور لا زالت تُشكّل مشكلة كبيرة في العالم حتى اليوم، ولا زالت الكثير من البلدان تبحث عن حلول للحد من هذه المشكلة، والبحث بعمق في أحد أكثر مسبباتها وابتكار الحلول المناسبة، ويجزم الكثيرون أن استخدام الهاتف هي أكثر مسببات الحوادث والتي تُؤثر على مستوى القيادة، لما له من تأثير على سرعة الاستجابة وتشتيت الانتباه والانحراف عن المسار أو التباطؤ في السير، لذلك يجب تغيير السلوكيات الخاطئة والوعي التام بخطورتها وتجنب استخدام الهاتف خلف عجلة القيادة، أو على الأقل استخدام أنظمة الملاحة الصوتية من أجل قيادة آمنة، وعلى الصعيد الشخصي فقد أصبحت أكثراً وعياً وإدراكاً من ذي قبل، بعد عدة محاضرات في التثقيف المروري واستماعي لقصص واقعية نقلتني لأماكن وقوع الأحداث لأشخاص توفوا بسبب حوادث مُريعة، وأشخاص فقدوا مستقبلهم نتيجة لفقدان بعض حواسهم أو أجزاء من جسدهم وأصبحوا عالة على أُسرهم نتيجة لانشغالهم بالهاتف أثناء القيادة، حفظ الله الجميع من كل مكروه.